تنبيه
ذكرنا فيما تقدّم أنّ الإطلاق والتقييد قد يكونان في مقام الثبوت ، وقد يكونان في مقام الإثبات ؛ إذ المصلحة قد تكون ناشئة من مطلق الطبيعة ، وقد تكون ناشئة من حصّة خاصّة منها واقعا ، وهذا هو مقام الثبوت. كما أنّ الحكم قد يحمل على مطلق الطبيعة ، وقد يحمل على نوع وحصّة خاصّة منها ، وهذا هو مقام الإثبات. وقد ذكرنا أنّ الإطلاق والتقييد في مقام الإثبات كاشف عن الإطلاق والتقييد في مقام الثبوت إذا كان المتكلّم في مقام البيان ، ونريد التنبيه الآن على أنّ التقييد في مقام الإثبات ربّما يستكشف به الإطلاق والتوسعة في مقام الثبوت ، مثل إذا قال المولى : أكرم عالما أو هاشميّا ، فهذا يستفاد منه أنّ المصلحة في الواقع موسّعة كما أنّه إذا قال : أكرم عالما ، فأطلق يستفاد منه التقييد والتضييق في مقام الثبوت وأنّ المصلحة خاصّة ومقيّدة بإكرام العالم فقط دون غيره. فتأمّل جيّدا حتّى تعرف أنّ الصحيح ما ذكرناه أوّلا من تبعيّة مقام الإثبات وكاشفيّتها عن مقام الثبوت ، وهذا الكلام مناف صورة لا حقيقة (*).
ثمّ إنّ الإطلاق يختلف فقد يفيد العموم البدلي ، وقد يفيد العموم الاستيعابي وإن كان متّفقا في احتياج الجميع إلى مقدّمات الحكمة ، غاية الأمر اختلافها ففي مثل «أكرم عالما» ممّا كان الأمر بنحو صرف الوجود يكون مفاد مقدّمات الحكمة الفرد
__________________
(*) لا يخفى أنّ الإطلاق إذا كان في متعلّق الحكم كما في أكرم عالما أفاد التوسعة على المكلّف والترخيص في تطبيقها على أيّ فرد من أفراد تلك الطبيعة ، بخلاف ما إذا كان في الحكم فإنّه يفيد ثبوته في كلا الفرضين فيفيد ضيقا وكلفة على المكلّف. (من إضافات بعض الدورات اللاحقة).