في المجمل والمبيّن
المجمل لغة ما لا تتّضح دلالته على مراد المتكلّم ، والمبيّن واضح الدلالة ، فمفهومهما من المبيّنات. والظاهر أنّ معناهما في اللغة هو معناهما بحسب الاصطلاح. والمجمل قد يكون إجماله بحسب ذاته كما في اللفظ المشترك ، وقد يكون إجماله عرضيّا كما في اللفظ الذي له ظهور في نفسه إلّا أنّه محفوف بما يدلّ على عدم إرادة ظهوره من غير تعيين للمراد فقط تكون القرينة صارفة ، وقد يكون مجملا حكميّا بمعنى أنّ أحكام المجمل ترتّب عليه كما إذا قال : أكرم العلماء ، ثمّ قال : لا تكرم زيدا ، وتردّد زيد بين عشرة أشخاص ، فنتيجة المجمل وهو التوقّف عن إكرام هذه العشرة جار في المقام وإن علم إرادة واحد منهم.
ثمّ إنّ المراد من المجمل والمبيّن ليس المراد الواقعي ولا المراد الاستعمالي ، بل المراد الذي يكون المتكلّم في مقام بيانه مثل أكرم عشرة إلّا اثنين مبيّن وإن لم يرد من عشرة المراد الذي يكون مرادا استعماليّا.
ثمّ إنّ الظاهر أنّ وصف الإجمال والتبيين وصف واقعي ثابت للألفاظ نفسها لا أنّه إضافي كما ذكره صاحب الكفاية (١) ، بل هما وصفان حقيقيّان يمكن إقامة البرهان على أحدهما ، وعدم معرفة بعض ببعض الألفاظ لا يوجب كونها مجملة ، بل هو
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٩٤.