فاز قدحه ثانية فخاب ، غرم من ثمن الجزور التي خاب قدحه منها على هذا الحساب. فإن فضل من أجزاء اللحم شيء وقد خرجت القداح كلّها ، كانت تلك الأجزاء لأهل المسكنة من العشيرة ، فهذا تفسير «الميسر».
وكانوا يفتخرون به ويرون أنّه من فعال الكرم والشرف ، ولهم في هذا أشعار كثيرة يفتخرون بها (١).
اليهود في يثرب والنصارى في نجران والشام :
استولى القيصر الرومي تيتوس على الشام وفلسطين والقدس فهدم هيكل اليهود سنة ٧٠ م ، ثمّ اضطهدهم القيصر هدريان سنة ١٣٢ م ، ففرّ في هذه الأثناء كثير منهم إلى الحجاز وغير قليل منهم إلى اليمن ، أي في أواخر القرن الأوّل وأوائل القرن الثاني الميلادي (٢).
ويظنّ أنّ القياصرة الرومان في صراعهم على السلطة أرادوا النفوذ إلى اليمن لبسط سلطانهم على هذه البلاد بما لها من قوافل تجاريّة ، فكان ذلك من أهمّ الأسباب لنفوذ النصرانيّة هناك بالبعثات التبشيريّة المسيحيّة التي كان يشجّعها القياصرة ، ويظنّ أنّ انتشارها في اليمن مبدأ منذ القرن الرابع الميلادي ، ولا نصل إلى العصر الجاهلي (الخامس) حتّى نرى النصرانيّة منتشرة في نجران وغيرها ، ونجران كانت أهمّ مواطنها (٣).
__________________
(١) اليعقوبي ١ : ٢٥٩ ـ ٢٦١.
(٢) تاریخ العرب قبل الاسلام : ٦ لجواد علي ، والحياة العربية في الشعر الجاهلي للحوفي : ١٢٦ ـ ١٤٢.
(٣) الحياة الغربية للحوفي : ١٤٢ ـ ١٥٠.