أيدي الناس ، وأنّ رزقهم في ظلال رماحهم ، وليس عندهم في أخذ أموال الناس حدّ ينتهون إليه ، بل كلّما امتدّت أعينهم الى مال أو متاع أو ماعون انتهبوه» (١).
أجل ، إنّ العرب قبل الإسلام كانوا قد اعتادوا على الحرب والقتال ، وكان منطقهم السائد : لا يغسل الدم إلّا الدم ، وكذلك كانوا قد اعتادوا الإغارة على أموال الآخرين حتّى أنّ أحدهم كان يعدّ غاراته على أموال الناس مفخرة له ، وحتّى أنّ الشاعر الجاهلي حينما يشاهد عجز قومه عن الغارة يتمنّى ان لو كان له عن قومه هؤلاء قوم آخرون يشنّون الغارات :
فليت لي بهم قوما اذا ركبوا |
|
شنّوا الإغارة فرسانا وركبانا |
والى هذه الحالة يشير الذكر الحكيم اذا يقول لهم : (وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها)(٢).
الخرافات عند العرب :
إنّ القرآن الكريم يبيّن أنّ من أهداف بعثة رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه (يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ)(٣).
فما هو الإصر وما هي الأغلال الّتي كانت عليهم؟ لا شكّ أنّها لم تكن أغلالا من حديد ، بل الغرض منها هي تلك الأوهام والخرافات الّتي كانت تمنع عقولهم وافكارهم عن الرشد والنموّ ، ولا شكّ أنّها لا تقلّ عن أغلال الحديد ثقلا وضررا ، اذ هذه الأغلال قد لا تنفك عن صاحبها حتّى الموت وهي تمنعه عن كلّ حركة حتّى لحلّها ، في حين لو كان الإنسان ذا عقل حرّ سليم كان بإمكانه ان يكسر كلّ طوق أو قيد.
__________________
(١) مقدمة ابن خلدون : ١٤٩ ط دار الفكر.
(٢) آل عمران : ١٠٣.
(٣) الاعراف : ١٥٧.