التأريخ قبل الإسلام :
لم يكن للناس قبل الإسلام مادّة للتأريخ ، اللهمّ إلّا ما توارثوه بالرواية ، ممّا كان شائعا بينهم من أخبار آبائهم وأجدادهم وأنسابهم وشعوبهم وقبائلهم وملوكهم ، وما في حياة اولئك من قصص فيها البطولة والكرم والوفاء ، وما كان من خبر الأسر الّتي تناوبت الإمرة على الناس وما قاموا به من تجهيز الجيوش وإقامة الحروف وبناء المدن والقصور ، إلى أمثال ذلك ، ممّا قامت فيه الذاكرة مقام الكتاب واللسان مقام القلم ، يعي الناس منه ويحفظون ثم يؤدّونها كما هي أو بإضافة أو نقيصة ، وكثيرا ما كان بإضافات وتحريفات.
كان هذا عند الفرس المجوس ، واليهود الإسرائيليين ، والعرب الجاهليين المشركين ، واختص هؤلاء بأخبار الجاهلية الاولى وأنسابها ، وما فيها من قصص عن البيت وزمزم وجرهم ، وما كان من أمرها ، ثم ما كان من خبر الاسر الّتي تناوبت الزعامة والإمرة على قريش ، وما جرى قبل ذلك لسدّ مأرب في اليمن ، وما تبعه من تفرّق الناس في البلاد.