ونحن اذ نتبيّن نقاط الضعف في العرب أو الفرس أو الروم قبل الإسلام لا نريد من ذلك إلّا الوصول الى الحقائق في تعاليم الإسلام السامية ، ولا مانع لدينا عن تبيّن الواقع وتشريح الحقائق وبيان العقائد الخرافية والواقع السيّئ قبل ظهور الإسلام وحينه ، سواء كنّا عربا أو فرسا أم من الروم.
دولة الفرس حين ظهور الاسلام :
المعروف أنّ بعثة رسول الإسلام صلىاللهعليهوآله كانت في سنة (٦١١ م) المصادف لعهد خسرو پرويز (٥٩٠ ـ ٦٢٨ م) وعلى عهده هاجر الرسول صلىاللهعليهوآله من مكّة المكرّمة الى المدينة المنورة (٦٢٢ م) وهو مبدأ التأريخ الهجري القمري والشمسي.
وفي هذه الأيام كان يحكم القسم الأعظم من العالم المتحضر يومئذ الدولتان الكبيرتان والقويتان الروم الشرقية وايران الساسانية ، وكانت هاتان منذ مدّة مديدة في حرب مستمرة في سبيل الاستيلاء على الحكم في العالم ، امتدّت هذه الحروب من عهد السلطان انو شيروان (٥٣١ ـ ٥٨٩ م) وحتّى عهد خسرو پرويز أي أكثر من أربعة وعشرين عاما. وقد اثّرت الخسائر الفادحة والمصاريف الباهضة التي كانتا تتحملانها في هذه الحروب في قدرتها حتّى لم يبق منها سوى شبح مخيف خاو.
ونحن من أجل أن ندرس أحوال الناس في ظل الفرس من مختلف الجهات علينا أن نطّلع على أوضاع الحكومات من بعد انوشيروان وحتّى دخول المسلمين الى ايران.
الحضارة الايرانية :
إنّ اكبر نقد يرد على الحكم القائم يومئذ هو أنّه كان حكما ديكتاتوريا استبداديا فرديا ، ولا شكّ أنّ العقل الفردي ليس كالعقل الجماعي ، فالظلم والمساومة أقلّ في الحكومة الجماعية من الحكومة الفردية. ولا شكّ ان شكل الحكم مما يؤثر في كيفية سلوك الناس.