حروب ايران والروم :
بعد وقوع عدد من الحروب بين ايران والروم عقد أنوشيروان صلحا مع الروم اسموه بالصلح الدائم. وبعد مدة ساءت ظنون أنوشيروان بالروم فأعدّ العدّة وجهّز الجيوش للهجوم على الروم واشتعلت نيران الحرب ، وفي فترة قليلة نسبيا فتح الفرس سورية وأحرقوا مدينة انطاكية ونهبوا آسيا الصغرى ، واستمرت الحروب حتّى عشرين عاما وحتّى فقد كلّ من المعسكرين امكاناتهم وطاقاتهم فيها ، وبعد خسائر كثيرة عقدوا الصلح بينهم مرة اخرى ورجعوا الى حدودهم السابقة كما كانت شريطة ان يدفع الروم كلّ عام عشرين ألف دينار من الذهب الى ايران.
وبعد أن تملّك في الروم «تى پاريوس» بدأ هجوما عنيفا على ايران بغية الانتقام منها ، واستمرت هذه الحروب سبع سنين. ومات عنها أنوشيروان وتملّك بعده ابنه خسرو پرويز وفي عام ٦١٤ م بدأ پرويز هجوما عنيفا على الروم وفتح في الحملة الأولى الشام وفلسطين وإفريقيا ، ونهب اورشليم وأحرق كنيسة القيامة ومزار السيد المسيح وهدم المدن ، وانتهت هذه الحروب بقتل أكثر من تسعين ألف مسيحي!
وكان هذا بعد بعثة رسول الإسلام صلىاللهعليهوآله فتفاءل المشركون بغلبة الفرس عبدة النيران على الروم المسيحيين واغتمّ المسلمون لذلك ، وانتظر رسول الله صلىاللهعليهوآله الوحي فنزلت الآيات الأوائل من سورة الرّوم (الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ)(١).
وقد تحقق نبأ القرآن الكريم بشأن الروميين بعد عشر سنين أي في سنة ٦٢٧ م تقريبا فاستعاد هرقل مدينة نينوى (الموصل) ولم يمض شيء حتّى قتل
__________________
(١) الروم : ١ ـ ٥.