الّتي كانت تكابدها دائما ضد ايران على أراضي «أرمنستان» وغيرها كانت قد أعجزت الناس وجعلتهم مستعدين لاستقبال أيّ تغيير للأوضاع الراهنة آنذاك. إنّ رجال الكنيسة حينما اخذوا زمام الحكم بأيديهم في الروم جعلوا يمارسون الضغط الشديد بالنسبة الى الوثنيين ولم تكن الفتنة تنطفئ بين الوثنيين والمسيحيين فكانت الاختلافات الدينية أكثر من كلّ شيء في الروم ، وكان ضغط رجال الكنيسة قد أدّى بكثير من الناس الى الحرمان والفقر ، وكانت هذه الاختلافات تنخر في كيان قدرة الامبراطورية الرومية.
وعدا هذا فقد كان البيض في شمال الروم في اصطكاك وصدام مع الصفر في شرق الروم في سبيل الحصول على أكثر النقاط صلاحا للزراعة والاستثمار ، وكانت هذه الصدمات أحيانا تؤدّي الى خسائر فادحة عظيمة من الطرفين ، وكان هذا قد تسبّب في انقسام الامبراطورية الرومية الى قسمين : شرقي وغربي. ويرى المؤرخون أنّ الأوضاع الاجتماعية والمالية والسياسية الرومية في القرن السادس كانت في اضطراب شديد ، ولا يرون في اقتدار الروم على استعادة سلطتها على بعض النقاط المسلوبة منها دلالة على قدرة الروم ، بل يرون ذلك من فقدان النظام الحاكم في ايران لانضباطه وكيانه القوي.
اذن : فالامبراطوريتان اللتان كانتا تدّعيان السيادة السياسية على العالم يومئذ كانتا حين طلوع فجر الإسلام تعيشان مرحلة الشيخوخة والهرم ، ومن البديهي أنّ هذه الأوضاع المضطربة كانت قد أوجدت في الشعبين استعدادا بل استقبالا لدين جديد ينظّم أوضاعهم هذه من جديد منقذا لهم ممّا هم فيه من الاضطراب والقلق.
وإذ قرأنا هذا عن أوضاع هاتين الامبراطوريتين فلنقرأ عن دويلتين عربيّتين تابعتين لهما :