ملوك الحيرة من اليمن :
بعد قرنين من الميلاد وفي أوائل القرن الثالث ، هبط بعض الطوائف العربية من بني لخم اليمنيين في الأراضي المجاورة للفرات في العراق ، على عهد الفرس الساسانيين.
وكان الفرس الساسانيون يحكمون العراق ، ولكن القرى والمزارع العراقية الساسانية كانت تتعرض من حين لآخر لغارات القبائل العربية البدوية من ناحية بادية الصحراء الحجازية ، فكانوا بحاجة الى عرب يملكونهم على ثغور العراق فيكفونهم غارات البدو ، فملكوا هؤلاء اللّخمييّن.
وبنى هؤلاء اللخميّون في هذه المنطقة عددا من المدن أو القرى والقلاع أهمها الحيرة قرب الكوفة على حافة بادية الصحراء الحجازية ، ولفظ الحيرة تحرّف عن حرتا السريانية وتعني القبّة والحرم ، أو المعسكر والمخيّم (١) وساعد جوّ هذا البلد ومناخه وماؤه على عمرانه والحضارة فيه ، ومن مظاهر الحضارة فيه أنهم تعرّفوا على الخطّ والكتابة به ، ومنهم انتقل الى عرب الحجاز (٢).
ومن تاريخهم المنقول نكتفي نحن هنا بما ذكره اليعقوبي والمسعودي ونعلّق عليه بما يلزم :
نقل اليعقوبي عن أهل العلم بالرواية قالوا : لما تفرق أهل اليمن ، قدم مالك بن فهم بن غنم بن دوس ، حتّى نزل أرض العراق في أيام ملوك الطوائف (الفرس) فأصاب قوما من العرب من معدّ وغيرهم بالجزيرة (الموصل) فملّكوه عليهم عشرين سنة.
__________________
(١) العصر الجاهلي ، لشوقي ضيف : ٤٤.
(٢) فتوح البلدان : ٤٥٧ ط اوروپا.