سائر ملوك الحيرة ومصيرها :
قال المسعودي : «ثم ملك الحيرة جماعة من الفرس ، حتى بلغ عدد الملوك بالحيرة ثلاثة وعشرين ملكا من بني نصر وغيرهم من العرب والفرس ، وكان مدّة ملكهم ستمائة واثنتين وعشرين سنة وثمانية أشهر. وبدأ عمران الحيرة من أوائل المائة الثانية من هؤلاء الملوك فكان عمرانها من بدوه الى أن بنيت الكوفة فتناقص عمرانها : خمسمائة وبضعا وثلاثين سنة (١) ، ثمّ لم يزل عمرانها يتناقص الى أيام المعتضد حيث استولى عليها الخراب. وكان جماعة من خلفاء بني العباس كالسفّاح والمنصور والرشيد وغيرهم ينزلونها ويطيلون المقام بها ، لطيب هوائها وصفاء جوهرها وصحة تربتها وصلابتها ، وقرب الخورنق والنجف منها. وقد كان فيها أديرة كثيرة فيها كثير من الرّهبان ، فلمّا تداعى الخراب إليها لحقوا بغيرها. قال المسعودي «وهي في هذا الوقت ليس بها إلّا الصدى والبوم» (٢).
__________________
وعليه فهنّ نصارى مترهّبات لا يحللن لكافر مجوسيّ زرادشتي.
وعلى أي حال فالعباديون النصارى وهم أخلاط من العرب وغيرهم ، والأحلاف من الأنباط من بقايا سكان العراق من الآراميين والأكديين كانوا يجاورون الاكثرية العرب في الحيرة ، وكانت فيهم جالية فارسية تمتهن الحرف والمهن ، وفيهم بعض اليهود ، فكانت الحيرة سوقا تجارية وزراعية كبرى ، ومتأثرة بالثقافة الفارسية العامة في المنطقة ـ العصر الجاهلي : ٤٧.
(١) وروي في الطبري عن الكلبي : انّ الحيرة بنيت مع الأنبار على عهد بخت نصّر (نبوخذنصر) فلمّا هلك بختنصر تحول أهلها الى الأنبار فخربت الحيرة ، الى أن عمّرت الحيرة مرة أخرى باتخاذ عمرو بن عدي اللخمي اياها منزلا لنفسه ، فعمرت الحيرة خمسمائة وبضعا وثلاثين سنة الى أن وضعت الكوفة ونزلها الاسلام (الطبري ٢ : ٤٣)
(٢) مروج الذهب ٢ : ٨١ ط ٢.