حرب الفجار :
روى أبو الفرج الأصبهاني : أنّه كانت للعرب حروب أربع سمّيت بالفجّار ، لما استحل فيها من المحارم :
فالفجار الأوّل : كان بين كنانة وهوازن. وكان السبب فيه : أن بدر ابن معشر الكناني كان حدثا منيعا في نفسه ، فحضر سوق عكاظ ومعه حيّ من كنانة ، وعقد لنفسه مجلسا يفتخر فيه ، فتصدّى له الاحيمر بن مازن ومعه حيّ من
__________________
وسلّم ـ كان ممّا يحدّث به عمّا كان الله يحفظه به في صغره وأمر جاهليته أنه قال : لقد رأيتني في غلمان قريش ننقل الحجارة لبعض ما نلعب به ، فإني اقبل معهم وادبر ، وكلنا قد أخذ إزاره فجعله على عاتقه ليحمل عليه الحجارة فتعرّى! اذ لكمني لاكم ثمّ قال : شدّ عليك ازارك ، وما أراه! فأخذته وشددته عليّ ، ثمّ جعلت أحمل الحجارة على رقبتي وازاري عليّ من بين أصحابي.
وقال السهيلي في (الروض الانف) في التعليق على هذه القصّة «وهذه القصّة إنمّا وردت في الحديث الصحيح (!) في حين بنيان الكعبة : انّ رسول الله كان ينقل الحجارة مع قومه إليها ، وكانوا يحملون ازرهم على عواتقهم لتقيهم الحجارة! وكان رسول الله يحملها على عاتقه وازاره مشدود عليه ، فقال له العباس : يا بن أخي لو جعلت ازارك على عاتقك. ففعل فسقط مغشيّا عليه! فضمّه العباس الى نفسه وسأله عن شأنه ، فأخبره أنه نودي من السماء : ان اشدد عليك إزارك يا محمّد! ثمّ قال : ازاري ازاري! فشدّ عليه ازاره ، فقام يحمل الحجارة» ثمّ قال : «فإن صحّ حديث ابن اسحاق انّ ذلك كان في صغره اذ كان يلعب مع الغلمان ، فحمله على انّ هذا الأمر كان مرتين : مرّة في صغره ، ومرّة في أوّل اكتهاله (!) عند بنيان الكعبة»! وقال القسطلاني قريبا منه في فتح الباري ١ : ٤٠١.
امّا نحن فنقول : ان صحّ من هذه القصّة شيء فإنّما نحتمل قصّة ابن اسحاق ـ وقد روى نحوه ابن أبي الحديد عن أمالي محمّد بن حبيب ـ امّا انّه كان ذلك عند اكتهاله! بأمر عمّه العباس! ومعه رجال قومه كذلك! فهذا ممّا لا يحتمله عقل أي عاقل قط. وللتفصيل انظر الصحيح للسيد جعفر مرتضى ١ : ١٣٦ ـ ١٤٤.