هذا ، وقد روى اليعقوبي وابن كثير عن عمّار بن ياسر أنّه قال : «أنّه ما كان أجيرا لأحد قط» (١).
وقد تقول في (فتح الباري) شرحا لفلسفة رعيه للغنم ، وتبعه بعض كتّاب السيرة كالحلبي وزيني دحلان (٢) ولا نراه يتفق والقواعد العقائدية بشأن الأنبياء والمرسلين. فان صحّ رعيه للغنم أصلا ـ وهو الصحيح ـ فلا علة له سوى ما جاء في رواية الشيخ الصدوق عن الإمام الصادق عليهالسلام ، في كتابه (علل الشرائع).
ويمكن تفصيل ذلك التعليل بما نقله السيد المرتضى العاملي من قول البعض : إنّ الرعي فيه تحمل مسئولية آحاد متفرقة ، وهو يناسب المهمة الّتي سوف توكل إليه ، الأمر الّذي من شأنه أن يروّض النفس ويزيدها اندفاعا نحو طلب الخير للآخرين من رعايته لهم والحرص على ما ينفعهم. وقد كان الله تعالى يهتم في رفع مستوى تحمّل وملكات وقدرات نبيّه ليواجه المسئولية العظمى ، ولكن بالطرق العادية والطبيعية ، كما هو معلوم» (٣).
السفر الثاني للنبي صلىاللهعليهوآله الى الشام ، وزواجه بخديجة :
روى القطب الراوندي في كتابه (الخرائج والجرائح) ، عن جابر (٤) أنّه قال : كان سبب تزويج خديجة محمّدا : أنّ أبا طالب قال : يا محمّد : إني اريد أن ازوّجك ،
__________________
(١) اليعقوبي ٢ : ٢١. والبداية والنهاية : ٢٩٦.
(٢) فتح الباري ٤ : ٣٦٤ وسيرة دحلان ١ : ٥١ والسيرة الحلبية ١ : ١٢٦ وقال فيه : انّ رعي الغنم صعب لأنه أصعب البهائم ، وهو يوجب أن يستشعر القلب رأفة ولطفا ؛ فاذا انتقل الى رعاية البشر كان قد هذّب أوّلا من الحدة الطبيعية والظلم الغريزي!.
(٣) الصحيح ١ : ١١٠.
(٤) جابر خزرجي من أنصار المدينة ، فلم يكن حاضراً يومئذٍ ، ولم يسند خبره إلى أحد قبله ، فهو مرسل.