هذا من مصاديق التسديد في السيرة ، وأمّا في الفكرة : فمنه ما رواه الصدوق في «اكمال الدين» بسنده عن العباس بن عبد المطّلب عن أبي طالب في خبر بحيرا الراهب أنّه قال للنبيّ صلىاللهعليهوآله : «يا غلام! أسألك بحق اللات والعزّى ... فزعموا أنّ رسول الله قال له : لا تسألني باللات والعزّى ، فو الله ما أبغضت شيئا قط بغضهما» (١).
أمّا قوله في الخبر السابق : «لكمني لاكم ثمّ قال : شدّ عليك إزارك ، وما أراه» فنفهم منه أنّه ـ بناء على ذلك وعلى ما ورد في كثير من الأخبار ـ كان محدّثا ، من ذلك : ما رواه الصفّار (ت ٢٩٠ ه) في كتابه «بصائر الدرجات» بسنده عن زرارة قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام : من الرسول؟ من النبيّ؟ من المحدّث؟ فقال : «الرسول : الّذي يأتيه جبرئيل فيكلّمه قبلا كما يرى أحدكم صاحبه الّذي يكلّمه ، فهذا الرسول» الى قوله : «وأمّا المحدّث ، فهو : الّذي يسمع كلام الملك فيحدّثه ، من غير أن يراه ، ومن غير أن يأتيه في النوم» (٢).
وما رواه الكليني في «اصول الكافي» بسنده عن الأحول قال : سألت أبا جعفر عن الرسول والنبيّ والمحدّث؟ قال : «الرسول : الّذي يأتيه جبرئيل قبلا فيراه ويكلّمه ، فهذا الرسول» الى قوله : «وأمّا المحدّث ، فهو : الّذي يحدّث فيسمع ، ولا يعاين ، ولا يرى في منامه» (٣).
ثمّ كان نبيّا مبشّرا :
وفي نفس الخبرين عن معنى النبوة المجرّدة أي بلا رسالة ، قال في الخبر
__________________
(١) اكمال الدين : ١٧٨ ـ ١٨٥. وابن هشام ١ : ١٩٣ عن ابن اسحاق مرفوعا.
(٢) كما في البحار ١٨ : ٢٧٠ عن بصائر الدرجات : ١٠٩. ونحوه خبر آخر فيه عنه عن الباقر عليهالسلام أيضا وآخر عنه عن الصادق عليهالسلام.
(٣) اصول الكافي ١ : ١٧٦ ونحوه خبران آخران فيه عنه وعن الرضا عليهالسلام.