وروى الصدوق في «التوحيد» بسنده عن محمّد بن مسلم ومحمّد بن مروان عن أبي عبد الله الصادق عليهالسلام قال : «ما علم رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّ جبرئيل عليهالسلام من قبل الله الّا بالتوفيق» (١).
إذن فالتوفيق الإلهيّ بالوقار والسكينة المنزلة على رسول لا يتركه ليفزع خوفا من النظر الى ملك الوحي جبرئيل حتّى ولو كان بصورته الأصلية إن صحّ التعبير.
أمّا اليعقوبي فقد قال في نزول سورة المدّثّر : وبعث رسول الله لمّا استكمل أربعين سنة ... وعلى جبرئيل جبّة سندس ، وأخرج له درنوكا من درانيك الجنة ، فأجلسه عليه ، وأعلمه أنّه رسول الله وبلّغه عن الله وعلّمه : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) وأتاه من غد وهو متدثر فقال : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ)(٢).
هل نزل القرآن في دور الكتمان؟
وممّا يؤيّد عدم نزول القرآن في دور الكتمان أننا لا نجد من آيات القرآن ، ممّا لا خلاف في نزوله قبل سورة الحجر الّتي في أواخرها قوله سبحانه : (فَاصْدَعْ بِما
__________________
(١) التوحيد : ٢٤٢ وعنه في البحار ١٨ : ٢٥٦. وقارن بما في تاريخ الطبري ٢ : ٢٠٩ ـ ٣٠٦ مما يفيد أنّه جزع وفزع وقلق واضطراب وشك في نفسه الجنون! وأراد أن يرمي بنفسه من حالق! وشك في الملك أنّه شيطان! فطمأنته خديجة وابن عمها النصراني ورقة بن نوفل!!
(٢) تأريخ اليعقوبي ٢ : ٢٣. وهذا قريب جداً مما رواه الراوندي في الخرائج والجرائح ١ : ٨٣ ، الحديث ١٣٦ عن الصادق عليه السلام قال : كان محمد صلّى الله عليه وآله يرعى غنم عمه أبي طالب ... وبلغ أربعين سنة ... وتراءى له جبرئيل بأعلى الوادي عليه جبة من سندس ... قال : سمعت صوتاً من السماء : يا محمد أنت رسول الله وأنا جبرئيل ... وأخرج له در نوكاً من درانيك الجنة فأجلسه عليه وأمره بما أراد ثمّ قال : أنا جبرئيل ، وقام فلحق محمد صلّى الله عليه وآله بالغنم.