وعلى هذا فقوله سبحانه : (سَأُصْلِيهِ سَقَرَ) و (سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً) كان تصعيدا في تهديده وإنذاره قبل تبشير الرسول بكفاية شرّه بهلاكه والمستهزئين معه بقوله (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) وهذا أيضا ممّا يلازم كون الصدع بأمره قبل هذا بغير قليل ، حتّى تكون وفود العرب في الموسم ـ كما قال الوليد ـ قد سمعوا بأمره صلىاللهعليهوآله ، فإنّ الدعوة السريّة أو غير العلنية لا يبلغ صداها هذا الحد أبدا ، بحيث يحتار المشركون في كيفية مواجهتهم لهم في الموسم. ولعلّ الوليد بعد موقفه هذا ونزول هذه الآيات فيه بالتهديد قابل هو وأصحابه النبيّ بالتهديد الشديد والأكيد لتحديد دعوته دون حضور الموسم ، ثمّ حضروا طواف الموسم فوسمهم جبرئيل بعذاب الله الشديد في الدنيا قبل الآخرة ، وبذلك كفى رسول الله شرّهم وشرّ استهزائهم له ولرسالته. فانطلق الرسول بخطبته العامّة في الموسم على حجر إسماعيل حول البيت في مطاف المسجد الحرام.
وممّا يؤيّد ذلك تعبير الرسول صلىاللهعليهوآله في تلك الخطبة ، إذ هي بالإضافة الى مخاطبة قريش تحتوي على الخطاب للعرب ، وهو اذا ضمّ الى مخاطبة قريش ـ مثلا ـ دلّ على العرب ممّا عداهم لا هم.
فلننظر الى نصّ الخطاب :
خطب النبي صلىاللهعليهوآله للدعوة العلنية :
بعد أن حكى القميّ في تفسيره قصّة هلاك المستهزئين قال : «فخرج رسول الله صلىاللهعليهوآله فقام على «الحجر» فقال :
«يا معشر قريش ، يا معشر العرب ، أدعوكم الى شهادة أن لا إله الّا الله وأنّي رسول الله ، وآمركم بخلع الأنداد والأصنام ، فأجيبوني تملكوا بها العرب وتدين لكم العجم ، وتكونوا ملوكا في الجنة».