فقال : يا صباحاه! فاجتمعت إليه قريش فقالوا : مالك؟ قال : أرأيتكم ان أخبرتكم أنّ العدو مصبحكم أو ممسيكم ما كنتم تصدّقونني؟ قالوا : بلى ، قال : فإنّي نذير لكم بين يدي عذاب شديد.
قال قتادة : ثمّ إنّه خطب فقال : أيّها الناس ، انّ الرائد لا يكذب أهله ، ولو كنت كاذبا لما كذبتكم ، والله الّذي لا إله الّا هو ، انّي رسول الله إليكم حقّا خاصّة والى الناس عامّة ، والله لتموتون كما تنامون ، ولتبعثون كما تستيقظون ، ولتحاسبون كما تعملون ، ولتجزون بالإحسان احسانا وبالسوء سوءا ، وانّها الجنة أبدا أو النار أبدا. وانّكم أوّل من انذرتم (١).
وهذه الجملة الأخيرة من هذه الخطبة على «الصفا» هي الّتي تحملنا على القول : بأنّها أوّل خطبة ، فالخطبة «بالأبطح» ثمّ الخطبة «بالحجر» في الموسم. فلعلّ هذا هو وجه الجمع المعقول بين الخطب الثلاث.
من هم المقتسمون؟
وكأننا نجد فيما رواه الطوسي ثمّ الطبرسي في تفسيرهما عن ابن عبّاس ومقاتل ، نجد فيه المتمّم لأمر هذا الموسم ، فقد قال مقاتل في قوله سبحانه : (كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ)(٢) إنّهم هم الّذين اقتسموا طرق مكّة يصدون عن رسول الله صلىاللهعليهوآله والايمان به.
وقال ابن عبّاس : انّهم كانوا ستة عشر رجلا بعثهم الوليد بن المغيرة «أيّام الموسم» يقولون لمن أتى مكّة : لا تغترّوا بالخارج منا المدّعي النبوة. فأنزل الله بهم عذابا فماتوا شرّ ميتة.
__________________
(١) مناقب آل أبي طالب ١ : ٤٦ ، ٤٧.
(٢) الحجر : ٩٠ ، ٩١.