المستهزئين ، الّذين روى الطبرسي هنا عن ابن عبّاس أنّهم كانوا ستة عشر رجلا بعثهم الوليد ، فمعه يكونون سبعة عشر رجلا. وقد ذكر عذاب ثلاثة منهم عدا المستهزئين وان كان لم يذكر عذاب الجميع الّا بالاجمال ، دون التفصيل.
والموسم ـ كما لاحظتهم ـ ذكر في كلا الأمرين : المقتسمين ، والمستهزئين ، من دون تفريق بينهما ممّا يحمل بظاهره على أوّل موسم بعد اعلان الدعوة العامّة ، فإن كانت طبيعة الامور تقتضي فاصلا زمنيّا أطول من موسم واحد بين الأمرين ـ كما هو ظاهر الحال ـ فمن المحتمل أن يكون الاقتسام في الموسم الأوّل ، ثمّ محاولة الاعتبار بالتجربة من اختلاف آرائهم وأقوالهم في الرسول والقرآن ، فالسعي في توحيد آرائهم وأقوالهم فيهما في الموسم الثاني ، وأنّ ما نزل في الوليد والمستهزئين والمقتسمين في سورتي الحجر والمدثّر كان في الموسم الثاني بعد اعلان الدعوة لا الأوّل.
ما نزل من القرآن قبل «فاصدع» :
إذ وقفنا على الحوادث المشار إليها بقوله سبحانه (كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ)(١) وقوله سبحانه (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ)(٢) والآيات من أواخر سورة الحجر ، وهي الرابعة والخمسون في ترتيب النزول (٣) أي يسبقها من القرآن في النزول ست وخمسون سورة ، ولنا فيها آيات واشارات الى ما يسبق ما اشير إليه في هذه الآيات الأخيرة من سورة الحجر ممّا يدخل في تأريخ الإسلام ، فلنقف عليها على ترتيبها على التوالي :
__________________
(١) الحجر : ٩٠ ، ٩١.
(٢) الحجر : ٩٤ ، ٩٥.
(٣) التمهيد : ١ : ١٠٥ وتلخيصه ١ : ٩٨.