ولم يقل ما الّذي نزل من القرآن قبلها حتّى في ابتداء تنزيله ، ولكنّه بعد أن ذكر ابتداء النزول في شهر رمضان قال : ثمّ تتام الوحي إليه ـ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ـ وهو مؤمن بالله ومصدّق بما جاءه منه قد قبله بقبوله وتحمّل منه ما حمله على رضا العباد وسخطهم ... فمضى على أمر الله على ما يلقى من قومه من الخلاف والأذى (١) ثمّ يقول : ثمّ فتر الوحي ... فلو كان صلىاللهعليهوآله إنّما جعل يذكر النبوة سرّا الى من يطمئن إليه من أهله بعد قوله (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)(٢) فكيف ومن أين علم به قومه فيتحمل ما يلقاه منهم من الخلاف والأذى؟!
والسورة الثانية عشرة ـ «الشرح» :
هي متتالية للضحى ان لم نقل بوحدتهما كما نقل ذلك الفخر الرازي عن طاوس بن كيسان اليماني وعمر بن عبد العزيز ، وجاء في بعض أخبار الأئمة الأطهار عليهمالسلام (٣) وأفتى به بعض فقهائنا (٤).
واختلفوا في معنى الوزر في قوله : (وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ) ويبدو لي بقرينة وحدة سياق السورتين أنّ المقصود بالوزر ما تحمله من ثقل انقطاع الوحي عنه واحتباسه ، وهو العسر الّذي تحمله واليسر بعده تجديد الوحي إليه واليوم وقد فرغ من ذلك الهمّ والغمّ فعليه أن ينصب في التحديث بما أنعم الله عليه من النبوّة (فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ).
وقال صاحب كتاب النظم في تفسير السورة : إنّ الله بعث نبيّه وهو مقلّ مخف وكانت قريش تعيّره بذلك حتّى قالوا له : ان كان بك من هذا القول الّذي تدّعيه
__________________
(١) ابن اسحاق في السيرة ١ : ٢٥٧.
(٢) ابن اسحاق في السيرة ١ : ٢٥٨.
(٣) الميزان ٢٠ : ٣٦٥.
(٤) المحقّق الحلّي في الشرائع والمعتبر.