كما فعل كذلك السّدي فقال : كانت قريش اذا مات ذكور الرجل تقول : بتر فلان والأبتر : الفرد! فلمّا مات ولد للنبيّ قال العاص بن وائل : بتر الرجل (١).
وكما فعل ابن اسحاق قال : بلغني أنّه كان العاص بن وائل السهمي اذا ذكر رسول الله قال : دعوه فإنّما هو رجل أبتر لا عقب له ، لو مات لا نقطع ذكره واسترحتم منه. فأنزل الله في ذلك : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) أي ما هو خير لك من الدنيا وما فيها (٢).
والّذي تشير إليه السورة وتدلّ عليه الأخبار التأريخية والتفسيرية هو أيضا ممّا يقتضي الإعلان لا الكتمان ، بل المجاهرة بالإحن والشنآن ، والحنق والعدوان.
السورة السادسة عشرة ـ «التكاثر» :
روى الطبرسي عن مقاتل والكلبي قالا : نزلت في حيّين من قريش : بني عبد مناف بن قصي ، وبني سهم بن عمرو ، تكاثروا وعدّوا أشرافهم ، فكثرهم بنو عبد مناف ، ثمّ قالوا : نعدّ موتانا! حتّى زاروا القبور فعدّوهم قالوا : هذا قبر فلان وهذا قبر فلان ، فكثرهم بنو سهم لأنّهم كانوا أكثر عددا في الجاهلية (٣) فنزلت السورة. وعليه فلا يصح ما قيل من مثل ذلك في الأنصار أو اليهود ممّا يقتضي مدنية السورة.
__________________
(١) الميزان ٢٠ : ٣٧٢.
(٢) ابن اسحاق في السيرة٢ : ٣٤. وانظر الميزان ٢٠ : ٣٧٠ في معنى الكوثر.
(٣) مجمع البيان ١٠ : ٨١١.