فأدخله بين يديه المسجد ودخل بنو هاشم ، فسلّ أبو طالب سيفه عند الحجر وقال لبني هاشم : أخرجوا ما معكم يا بني هاشم! ثمّ التفت الى قريش فقال : والله لو لم أره ما بقيت منكم عين تطرف! فقالت قريش : لقد ركبت منّا عظيما (١).
السورة الرابعة والعشرون ـ «عبس» :
(عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى وَما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى وَهُوَ يَخْشى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ)(٢).
روى الطبرسي في «مجمع البيان» : عن الصادق عليهالسلام : «أنّها نزلت في رجل من بني اميّة كان عند النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فجاء ابن أمّ مكتوم ، فلمّا رآه تقذّر منه وجمع نفسه وعبس وأعرض بوجهه عنه ، فحكى الله سبحانه ذلك وأنكره عليه».
ولكنّه روى بعد هذا خبرا آخر عنه عليهالسلام قال : «كان رسول الله صلىاللهعليهوآله اذا رأى عبد الله بن أمّ مكتوم قال : «مرحبا ، مرحبا ، لا والله لا يعاتبني الله فيك أبدا» وكان يصنع به من اللطف حتّى كان يكفّ عن النبيّ ممّا يفعل به».
وهذا يناسب مع المعروف والمشهور في شأن نزول السورة : أن ابن أمّ مكتوم ـ وهو عبد الله بن شريح العامري ـ أتى رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو يناجي أبيّا واميّة ابني خلف ، وأبا جهل بن هشام ، والعبّاس بن عبد المطّلب ، وعتبة ابن أبي ربيعة ، يدعوهم الى الله ويرجو اسلامهم. فقال : يا رسول الله أقرئني وعلّمني ممّا علّمك الله. فجعل يناديه ويكرر النداء ولا يدري أنّه مشتغل مقبل على غيره ، حتّى ظهرت الكراهة في وجه رسول الله لقطعه كلامه ، فأعرض عنه وأقبل على القوم الّذين يكلّمهم ، فنزلت الآيات. وكان رسول الله بعد ذلك يكرمه
__________________
(١) مناقب ابن شهرآشوب ١ : ١٨.
(٢) عبس : ١ ـ ١٢.