وعليه فهذه هي المرة الثانية لتجربتهم صدق مقال الرسول صلىاللهعليهوآله بتصديق المسافرين له ، بعد أخباره عن الاسراء به الى بيت المقدس. ولعلّهم قالوا : ذلك بعد أن قالوا : سحرنا محمّد ، فقال رجل ـ كما رواه الطبرسي عن جبير بن مطعم ـ ان كان سحركم فلم يسحر الناس كلّهم.
قال الطبرسي : وقد روى حديث انشقاق القمر جماعة كثيرة من الصحابة منهم : عبد الله بن مسعود وأنس بن مالك وحذيفة بن اليمان وابن عمر وابن عباس وعليه جماعة المفسّرين ، بل أجمع المسلمون على ذلك ، فلا يعتد بخلاف من خالف فيه.
قال : ومن طعن في ذلك : بأنّه لو وقع انشقاق القمر في عهد رسول الله لمّا كان يخفى على أحد من أهل الأقطار. فقوله باطل.
لأنّه قد وقع ذلك ليلا فيجوز أن يكون الناس كانوا نياما فلم يعلموا بذلك ، على أن الناس ليس كلّهم يتأملون ما يحدث في السماء وفي الجوّ من آية وعلامة ، فيكون مثل انقضاض الكواكب وغيره ممّا يغفل الناس عنه ، ولأنّه يجوز أن يكون الله قد حجبه عنهم بغيم ونحوه (١).
وقد روى السيوطي في «الدر المنثور» بأسناده عن ابن مسعود قال : انشقّ القمر ... فقالت قريش : هذا سحر ابن أبي كبشة ، فقالوا : انتظروا ما يأتيكم به المسافرون فإنّ محمّدا لا يستطيع أن يسحر الناس كلّهم. فجاء المسافرون فسألوهم فقالوا : نعم قد رأيناه. فأنزل الله (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ)(٢).
السورة الثامنة والثلاثون ـ «ص» :
وفيها قوله سبحانه : (وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هذا
__________________
(١) مجمع البيان ١٠ : ٢٨٢.
(٢) الدر المنثور ٦ : ١٣٢ ، سورة القمر.