قال : وروي أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله استعبر ثمّ قال : يا عمّ والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي ، على أن أترك هذا الأمر ، ما تركته حتّى ينفذه الله أو أمضي دونه! فقال له أبو طالب : امض لأمرك ، فو الله لا أخذ لك أبدا (١).
وخرجوا من مجلسهم الّذي كانوا فيه عند أبي طالب وهم يقولون ـ وقيل : إنّ القائل هو عقبة بن أبي معيط الاموي ـ : اثبتوا على عبادة آلهتكم واصبروا على دينكم وتحملوا المشاق لأجله ، فإنّ هذا الّذي نراه من زيادة أصحاب محمّد أمر يراد بنا من زوال نعمة أو نزول شدّة (٢).
ولا أحسب القمي متحقّقا من قوله اذ قال : نزلت بمكّة لمّا أظهر رسول الله الدعوة؟ بمعنى أنّ نزول هذه السورة كانت هي نقطة النقلة من المرحلة السرية الى الدعوة العلنية؟ ولكنّ كلامه هذا على أيّ حال ، بل القصّة برمتها كسابقاتها تستلزم عدم سريّة المرحلة.
السورة التاسعة والثلاثون ـ «الأعراف» :
وأوّلها : (المص كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ)(٣) فهل هذا يعني الانذار الخاص والسري ، وذكرى للمؤمنين كذلك؟ بل الظاهر غير ذلك.
وفيها قوله سبحانه : (يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ
__________________
(١) ابن اسحاق في السيرة١ : ٢٨٥ وعنه الطبري ٢ : ٣٢٦.
(٢) مجمع البيان ٨ : ٧٢٥ ـ ٧٢٧.
(٣) الأعراف : ١ ـ ٢.