وبلغ ذلك ابيّ بن خلف ، فأتاه وقال له : صبوت يا عقبة؟! قال : لا ـ والله ـ ما صبوت ، ولكن دخل عليّ رجل فأبى أن يطعم من طعامي الّا أن أشهد له ، فاستحييت أن يخرج من بيتي ولم يطعم ، فشهدت له فطعم. فقال ابيّ : ما كنت براض عنك أبدا حتّى تأتيه فتبزق في وجهه ، ففعل ذلك عقبة ، وارتدّ ، وأخذ رحم دابة فألقاها بين كتفيه! فقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : لا ألقاك خارج مكّة الّا علوت رأسك بالسيف.
فوقع يوم بدر أسيرا بيد المسلمين فأمر رسول الله بتنفيذ حلفه فيه من بين سائر اسارى المشركين ، ولم يقتل من الاسارى يومئذ غيره. (١).
وعليه ، فالظالم في الآية : عقبة بن أبي معيط الاموي ، وفلان خليله ابيّ بن خلف الجمحي ، والذكر الّذي جاءه شهادته بالشهادتين ولو أخذت منه حياء ، وضلاله بعد الذكر استجابته لطلبة خليله بالارتداد والبصاق في وجه رسول الله صلىاللهعليهوآله.
السورة الرابعة والأربعون ـ «مريم» :
وهي الّتي قرأ شطرا منها جعفر بن أبي طالب الطيار على النجاشي ملك الحبشة في الهجرة إليها ، فيعلم أنّها نزلت قبل ذلك وأنّ الهجرة إليها بعد هذه السورة. وفيها قوله سبحانه : (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالاً وَوَلَداً ...)(٢) قال الطبرسي : روي في الصحيح : عن خبّاب بن الأرتّ قال : كنت رجلا غنيا وكان لي على العاص بن وائل دين فأتيته أتقاضاه فقال لي : لا أقضيك حتّى تكفر بمحمّد!
__________________
(١) مجمع البيان ٧ : ٢٦٠ ، ٢٦١ وفيه : وأمّا ابي بن خلف فقد قتله النبيّ يوم احد بيده في المبارزة. وروى الخبر السيوطي بسنده عن ابن عباس أيضا في الدر المنثور ٥ : ٦٨.
(٢) مريم : ٧٧.