ثمّ قال للمسلمين : اذهبوا فانتم شيوم (آمنون) ومن سبّكم غرم ، من سبّكم غرم ، وما احبّ أن لي دبرا (اي جبلا) من ذهب وأني آذيت رجلا منكم.
ثمّ قال لرجاله : ردّوا عليهما هداياهما فلا حاجة لي بهما.
فخرجا من عنده مقبوحين مردودا عليهما ما جاءا به.
وأقمنا عنده بخير دار مع خير جار (١).
رضي الله عن أمّ المؤمنين أمّ سلمة اذ سلم لنا حديثها هذا المسند الوحيد عن هجرة الحبشة ووفد قريش إليها في طلبهم ، وهي أحد المهاجرين إليها الأكثر من ثمانين رجلا وامرأة ، ولم يسلم لنا سواه حديث مسند آخر عن أحد سواها من سائر المهاجرين الثمانين. اللهم الّا ما نقلناه عن القميّ في تفسيره مرسلا وبلا اسناد ، وما مرّ عن عمرو بن العاص ، مع ما بين هذه الأخبار الثلاثة من تفاوت بيّن ، ولا سيّما بين خبري أمّ سلمة وعمرو بن العاص ، ولا سيّما من جهة عدم اشارته الى أيّ شيء ممّا حدّثت عنه أمّ سلمة ممّا يتعلق به وبلقائه السابق بالنجاشي كوافد من قبل قريش في طلب المهاجرين ، بل هو يتحدث عن لقائه هذا الأخير وكأنّه أوّل لقاء له به فيما يرتبط بالإسلام ، وان كان ينقل عنه أنّه قال فيه : «مرحبا بصديقي» وأنّه سجد له كما كان يصنع ، فكأنّه يتنكّر لما كان منه في الوفادة عن قريش الى الحبشة.
خروج الحبشة على النجاشي :
قال ابن اسحاق : وحدثني جعفر بن محمّد عن أبيه (٢) قال : اجتمعت الحبشة فقالوا للنجاشي : انّك قد فارقت ديننا.
__________________
(١) ابن اسحاق في السيرة١ : ٣٥٧ ـ ٣٦٢.
(٢) ولذلك عدّ الشيخ الطوسي ابن اسحاق من أصحاب الصادق عليهالسلام في رجاله : ٢٨١. كما عدّه في أصحاب الباقر عليهالسلام : ١٣٥.