فكان من يدخل من العرب مكّة لا يجسر أن يبيع بني هاشم شيئا ، ومن دخلها وباعهم شيئا انتهبوا ماله. وكانت خديجة لها مال كثير فانفقته على رسول الله في الشعب.
وبقوا في الشعب أربع سنين لا يأمنون إلّا في الموسم ، ولا يشترون ولا يبايعون الّا في الموسم ، وكان يقوم بمكّة في كلّ سنة موسمان : موسم العمرة في رجب ، وموسم الحج في ذي الحجة ، فكان اذا جاء الموسم خرج بنو هشام من الشعب فيشترون ويبيعون ، ثمّ لا يجسر أحد منهم أن يخرج ، الى الموسم الثاني : فأصابهم الجهد بذلك.
وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يخرج في كلّ موسم ويدور على قبائل العرب فيقول لهم : تمنعون جانبي حتّى أتلو عليكم كتاب الله ربّي ، وثوابكم على الله الجنة؟ وأبو لهب في أثره يقول : لا تقبلوا منه فانه ابن أخي وهو ساحر كذّاب.
وكان أبو العاص بن الربيع ـ وهو ختن رسول الله على ابنته زينب ـ يجيء بالعير بالليل عليها البر والتمر الى باب الشعب ثمّ يصيح بها فتدخل الشعب. ولذا قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «لقد صاهرنا أبو العاص فأحمد صهرنا ، لقد كان يعمد الى العير ـ ونحن في الحصار ـ فيرسلها في الشعب ليلا».
إيمان أبي طالب رضي الله عنه :
وبعثت قريش الى أبي طالب : ادفع إلينا محمّدا لنقتله ونملّكك علينا! فقال ابو طالب قصيدته الطويلة الّتي يقول فيها :
ا لم تعلموا أن ابننا لا مكذّب |
|
لدينا ولا يعنى بقول الأباطل |
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه |
|
ثمال اليتامى ، عصمة للأرامل |
يطوف به الهلّاك من آل هاشم |
|
فهم عنده في نعمة وفواضل |