وختموا الصحيفة بأربعين خاتما ختمها كلّ رجل من رؤساء قريش بخاتمه وعلّقوها في الكعبة (١) ولا أرى رؤساء قريش يزيدون عن أربعين رجلا في مكّة.
وقال اليعقوبي في تأريخ الحصار ومدته : ثمّ حصرت قريش رسول الله وأهل بيته من بني هاشم وبني المطلب في الشعب الّذي يقال له : شعب بني هاشم ، بعد ست سنين من مبعثه. فأقام ـ ومعه جميع بني هاشم وبني المطلب ـ في الشعب ثلاث سنين. حتّى انفق رسول الله ماله ، وأنفق ابو طالب ماله ، وانفقت خديجة مالها ، وصاروا الى حدّ الضرّ والفاقة (١) بينما قلل ابن اسحاق فقال : فأقاموا على ذلك سنتين أو ثلاثا ، حتّى جهدوا ، لا يصل إليهم شيء الّا سرّا مستخفيا به من أراد صلتهم من قريش (٢) وقد مرّ عن القمي والطبرسي انّها كانت أربع سنين انتهت قبل هجرته بقليل.
وحيث انتقلنا بالآية العاشرة من سورة الزمر الى حديث هجرة الحبشة ، ثمّ بتقريب أن بداية حصار الشعب كان قريبا من بدايات هجرة الحبشة انتقلنا الى حديث الشعب ، يلزمنا الاذعان بأن نزول السور بعد الزمر كان في أيام حصار الشعب ، الا ما كان نزوله أيام موسمي العمرة والحج وبعد الشعب قبل الهجرة ، اذن فما كان من الآيات يفيد حوارا بين النبي والمشركين كان ممّا يحتمل نزولها في أيام المواسم.
السورة الحادية والستون ـ «السجدة (فصّلت)» :
وفيها قوله سبحانه : (كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ
__________________
(١) إعلام الورى : ٥٠.
(٢) اليعقوبي ٢ : ٣١.
(٣) ابن اسحاق في السيرة١ : ٣٧٩.