وقال ابن اسحاق : بلغني أن رسول الله كان كثيرا ما يجلس عند المروة الى مبيعة غلام نصراني يقال له : جبر عبد لبني الحضرمي ، فكانوا يقولون : والله ما يعلّم محمّدا كثيرا ممّا يأتي به الّا جبر النصرانيّ غلام بني الحضرمي. فأنزل الله تعالى في ذلك : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ)(١).
مقتل ياسر وسمية وتعذيب ابنهما عمّار :
ومنها قوله سبحانه : (إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخاسِرُونَ ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)(٢).
روى العياشي في تفسيره عن الصادق عليهالسلام قال : إنّ عمّار بن ياسر اخذ بمكّة فقالوا له : ابرأ من رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فبرأ منه ، فأنزل الله عذره : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ).
__________________
بمكّة اسمه بلعام ـ وكان أعجمي اللسان ـ فكان المشركون يرون رسول الله يدخل عليه ويخرج من عنده ، فقالوا إنما يعلّمه بلعام ، الدر المنثور ٤ : ١٣١ وروى روايات اخرى باسماء : أبي اليسر ، ومقيس.
(١) ابن اسحاق في السيرةعن ابن اسحاق ٢ : ٣٣.
(٢) النحل : ١٠٥ ـ ١١٠.