وروى ابن اسحاق بسنده عن كعب بن مالك الأنصاري قال : كان (أسعد بن زرارة) أول من جمّع بنا بالمدينة في هزم (بني) النبيت من حرّة بني بياضة في نقيع يقال له : نقيع الخضمات. وهم يومئذ أربعون رجلا (١).
ولعلّه كان بعد رجوع مصعب بن عمير الى مكّة قبل بيعة العقبة الثانية (٢).
كانت الصلاة يومئذ الى بيت المقدس :
قال ابن اسحاق : فلمّا انصرف عنه القوم (من بيعة العقبة الاولى) بعث رسول الله معهم مصعب بن عمير بن هاشم ، وأمره أن يقرئهم القرآن ويعلّمهم الاسلام ويفقّههم في الدين ... وكان يصلي بهم (٣) ولم يقل عن القبلة شيئا.
ولكنّه روى عن معبد بن كعب ، عن أخيه عبد الله بن كعب ، عن أبيه كعب بن مالك (الخزرجي) قال : ما بلغنا أنّ نبيّنا يصلي الّا الى الشام فكنّا اذا حضرت الصلاة صلينا الى الشام (يعني القدس) ... فلمّا خرجنا من المدينة في حجّاج قومنا ... وتوجّهنا لسفرنا ... وسيّدنا وكبيرنا البراء ابن معرور ، قال لنا : يا هؤلاء ، اني قد رأيت رأيا فو الله ما أدري أتوافقونني عليه أم لا؟! قلنا : وما ذاك؟ قال : قد رأيت أن لا أدع هذه البنيّة (الكعبة) بظهري بل اصلي إليها. فقلنا : والله ما بلغنا أنّ نبيّنا يصلي الّا الى الشام وما نريد أن نخالفه. فكنا اذا حضرت الصلاة صلينا الى الشام ، وصلّى هو الى الكعبة ، وقد عبنا عليه ما صنع ، وأبى الّا الاقامة على ذلك وقال : إنّي لمصلّ إليها ... حتّى قدمنا مكّة.
__________________
(١) ابن اسحاق في السيرة ٢ : ٧٧.
(٢) م. ن ٢ : ٨١.
(٣) م. ن ٢ : ٧٦ ، ٧٧.