قصة صنم عمرو بن الجموح :
ومن القصص المروية في أخبار إسلام الأنصار : قصة معاملة معاذ بن عمرو بن الجموح مع صنم أبيه عمرو بن الجموح ، قالوا : كان الأشراف يتّخذون لأنفسهم آلهة يطهّرونها ويعظّمونها ، وكان عمرو بن الجموح سيّدا من سادات بني سلمة وشريفا من أشرافهم ، وكان قد اتّخذ في داره صنما من خشب يسمّيه مناة (أي الآلهة الّتي يمنى أي يراق لديها الدماء قربانا لها) وكان ابنه معاذ بن عمرو بن الجموح ممّن شهد العقبة وبايع رسول الله بها ، فكان هو وأصحابه يدلجون بالليل على صنم عمرو بن الجموح فيحملونه فيطرحونه في بعض حفر بني سلمة منكّسا على رأسه. فاذا أصبح عمرو غدا يلتمسه ، حتّى اذا وجده غسله وطهّره وطيّبه. فاذا أمسى عمرو عدوا عليه ففعلوا به مثل ذلك ، فيغدو فيجده في مثل ما كان فيه من الأذى ، فيغسله ويطهّره ويطيّبه. ثمّ إذا أمسى يعدون عليه فيفعلون به مثل ذلك ، فاستخرجه من حيث ألقوه فغسله وطهّره وطيّبه ، ثمّ جاء بسيفه فعلّقه عليه ثمّ قال له : اني والله ما أعلم من يصنع بك ما ترى ، فان كان فيك خير فامتنع فهذا السيف معك. فلمّا أمسى ونام عمرو ، عدوا عليه فأخذوا السيف من عنقه ثمّ ألقوه في بئر من آبار بني سلمة ثمّ أخذوا كلبا ميتا فقرنوه به بحبل. فلمّا غدا عمرو خرج تتبّعه حتّى وجده في تلك البئر منكّسا مقرونا بكلب ميت ، فلمّا أبصره ورآه قال يذكر صنمه ذلك وما أبصر من أمره :
والله لو كنت الها لم تكن |
|
أنت وكلب وسط بئر في قرن |
افّ لملقاك الها مستدن |
|
الآن فتّشناك عن سوء الغبن |
وكلّمه من أسلم من رجال قومه ، فأسلم برحمة الله وحسن اسلامه (١).
__________________
(١) ابن اسحاق في السيرة٢ : ٩٥ ، ٩٦.