دين الناس ودنياهم ، تحكم في دين الناس كيفما أرادت بلسان العلماء وأقلامهم ، وفي دنياهم بالسوط والسيف.
هذا وقد انقسمت الطبقة المحكومة أيضا حسب قوتها في السطوة والثروة فيما بينهم ، إلى طبقتي الأغنياء المترفين والضعفاء والعجزة والعبيد ، وإلى ربّ البيت ومربوبيه من النساء والأولاد ، وكذا إلى الرجال المالكين لحرّيّة الإرادة والعمل في جميع شئون الحياة وإلى النساء المحرومات من جميع ذلك والتابعات للرجال محضا والخادمات لهم فيما أرادوه منهنّ من غير استقلال ولو يسيرا.
ومجمل هذه الحقيقة يظهر من قوله سبحانه : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)(١) وكذا قوله سبحانه : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ)(٢) وقوله في النساء : (أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ)(٣) وفيما أوصى به في التزويج بالفتيات والإماء : (بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَ)(٤).
الجاهليّة في نهج البلاغة :
وبعد استعراض هذه الآيات من القرآن الكريم بشأن الجاهليّة يكفينا أن نتذكّر بعض ما جاء عن علي عليهالسلام في «نهج البلاغة» في ذلك :
__________________
(١) آل عمران : ٦٤.
(٢) الحجرات : ١٣.
(٣) آل عمران : ١٩٥.
(٤) النساء : ٢٥. الميزان ٤ : ١٥١ ـ ١٥٤.