فكان علي ـ صلوات الله عليه ـ أوّل من سجد لله شكرا ، وأوّل من وضع وجهه على الأرض بعد سجدته من هذه الامّة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله.
فلمّا رفع رأسه قال له علي عليهالسلام : امض بما امرت ، فداك سمعي وبصري وسويداء قلبي ، ومرني بما شئت ... وإن توفيقي الا بالله ... فقال له : فارقد على فراشي واشتمل ببردي الحضرمي ، ثمّ اني اخبرك يا علي أن الله تعالى يمتحن أولياءه على قدر إيمانهم ومنازلهم من دينه ، فأشدّ الناس بلاء الأنبياء ثمّ الأمثل فالأمثل ، وقد امتحنك يا ابن عم وامتحنني فيك بمثل ما امتحن به خليله ابراهيم والذبيح اسماعيل عليهماالسلام ، فصبرا صبرا ، فان رحمة الله قريب من المحسنين ، ثمّ ضمّه النبيّ صلىاللهعليهوآله الى صدره وبكى وجدا به ، وبكى علي عليهالسلام جشعا لفراق رسول الله صلىاللهعليهوآله.
كيفية هجرة النبي صلىاللهعليهوآله الى المدينة :
واستتبع رسول الله أبا بكر بن أبي قحافة (١) وهند بن أبي هالة فأمرهما
__________________
(١) م. ن.
(٢) روى العياشي في تفسيره ١ : ١٠١ عن ابن عباس قال : وجاء أبو بكر ـ وعلي عليهالسلام نائم ـ وهو يحسب أنّه نبيّ الله (فلمّا رآه عليا) قال : أين نبيّ الله؟ قال علي : انّ نبيّ الله قد انطلق نحو بئر ميمون ، فأدركه. فانطلق ابو بكر فدخل معه الغار.
وقال الطبري في تاريخه ٢ : ٣٧٤ مشيرا الى هذا : وقد زعم بعضهم : أن أبا بكر أتى عليا فسأله عن نبيّ الله ، فأخبره : أنّه لحق بالغار من ثور وقال : ان كانت لك فيه حاجة فالحقه. فخرج أبو بكر مسرعا فلحق نبيّ الله في الطريق ، فسمع جرس أبي بكر في ظلمة الليل فحسبه من المشركين ، فأسرع رسول الله المشي فانقطع قبال نعله ففلق ابهامه حجر فكثر دمها ، وأسرع السعي ، فخاف أبو بكر أن يشق على رسول الله صلىاللهعليهوآله فرفع صوته وتكلم فعرفه رسول الله فأقام حتّى أتاه ، فانطلقا ، ورجل رسول الله تستنّ دما حتّى انتهى الى الغار مع الصبح فدخلاه.