«وأنتم معشر العرب على شرّ دين وفي شرّ دار ، منيخون بين حجارة خشن وحيّات صمّ ، تشربون الكدر وتأكلون الجشب ، وتسفكون دماءكم وتقطعون أرحامكم ، الأصنام فيكم منصوبة والآثام فيكم معصوبة» (١).
«والناس ضلّال في حيرة ، وحاطبون في فتنة ، قد استهوتهم الأهواء واستزلّتهم الكبرياء واستخفّتهم الجاهليّة الجهلاء ، حيارى في زلزال من الأمر وبلاء من الجهل» (٢).
«والأحوال مضطربة ، والأيدي مختلفة ، والكثرة متفرّقة ، في بلاء ازل وإطباق جهل : من بنات موؤدة وأصنام معبودة وأرحام مقطوعة وغارات مشنونة» (٣).
معنى الجاهليّة :
ومن مصاديق الحميّة الجاهليّة ما حاوله البعض أن يحرّف في معنى الجاهليّة من معنى عدم العلم وفقدان المعرفة لديهم إلى أنّها من الجهل بمعنى الحميّة والغضب ، كما قد يقال : جهل زيد على عمرو بمعنى غضب عليه ، وأنّها ليست من الجهل بمعنى عدم العلم والمعرفة.
وهذا التوجيه ليس ـ كما قلنا ـ إلّا مصداقا من مصاديق الحميّة الجاهليّة ، فإنّ الظاهر من إطلاق الجهل ليس إلّا بمعنى ما يقابل العلم والمعرفة ، ولا تحمل على معنى الحميّة والغضب إلّا مجازا بقرينة ما ، كما فيما يستشهدون به من قولهم جهل عليه ،
__________________
(١) نهج البلاغة ، الخطبة : ٩١.
(٢) الخطبة : ٩٥.
(٣) الخطبة : ١٨٧.