الله عزوجل : (فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) الآية ، فقال : هؤلاء قوم كانت لهم قرى متّصلة ينظر بعضهم إلى بعض ، وأنهار جارية ، وأموال ظاهرة ، فكفروا نعم الله عزوجل وغيّروا ما بأنفسهم من عافية الله فغيّر الله ما بهم من نعمة ، (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ)(١) فأرسل الله عليهم سيل العرم ، فغرّق قراهم وخرّب ديارهم وذهب بأموالهم وأبدلهم مكان جنانهم (جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ) ثمّ قال : (ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ)(٢).
وقوم سبأ من العرب العاربة باليمن ، سمّوا باسم أبيهم سبأ بن يشجب ابن يعرب بن قحطان ، كما نقل رواة التأريخ.
العرب قبل الإسلام :
١ ـ العرب البائدة :
لا ريب في أنّ جزيرة العرب كانت موطن قبائل كثيرة من العرب منذ القدم ، وقد باد بعضهم على اثر حوادث خاصة سماوية وارضية ، وذلك لاعراضهم عن ذكر الله كما قال تعالى في قوم سبأ : (فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ) ... (ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ ... وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ) ... ، (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ)(٣) ولذلك سمّي هؤلاء بالبائدة.
ولعلّ منهم قوم عاد المعاد ذكرهم في القرآن الكريم أكثر من عشرين مرّة وقوم ثمود المكرر ذكرهم في القرآن الكريم اكثر من خمس وعشرين مرّة.
__________________
(١) الرعد : ١١.
(٢) الميزان ١٦ : ٣٢٤.
(٣) سبأ : ١٦ ـ ٢٠.