أ ـ عاد قوم هود عليهالسلام :
أمّا عاد فإنّهم قوم من العرب من بشر ما قبل التأريخ كانوا يسكنون الجزيرة انقطعت أخبارهم وانمحت آثارهم ، ولا يحفظ التأريخ من حياتهم إلّا أقاصيص لا يطمأنّ إليها ، وليس في التوراة الموجودة ذكر لهم.
والذي يذكره القرآن الكريم من قصّتهم هو : أنّ عادا كانوا يسكنون وادي أو صحراء الأحقاف (١) وهو واد بين عمان وأرض مهرة إلى حضرموت والأحقاف هي الرمال الملتوية. وأنّهم من ذرّية من حملهم الله مع نوح عليهالسلام وكانوا ذوي خلقة قوية عظيمة وطوالا (٢) وكان لهم تقدّم ورقيّ في المدنية والحضارة ، ولهم بلاد عامرة وأرض خصبة ذات جنّات ونخيل وزروع ومقام كريم وبعث الله فيهم أخاهم هودا يدعوهم إلى الحقّ ويرشدهم إلى أن يعبدوا الله ويرفضوا عبادة الاوثان ويعملوا بالعدل والرحمة (٣) ، فبالغ في وعظهم وبث النصيحة فيهم وأنار الطريق وأوضح السبيل ، وقطع عليهم العذر ، فقابلوه بالآباء والامتناع ، وواجهوه بالجحد والانكار ، ولم يؤمن به إلّا شرذمة منهم قليلون ، وأصرّ جمهورهم على البغي والعناد ، ورموه بالسفه والجنون ، وألحوا عليه بان ينزل عليهم العذاب الذي كان ينذرهم ويتوعدهم به ، فأرسل الله عليهم العذاب وأرسل إليهم الريح العقيم ما تذر من شيء أتت عليه الّا جعلته كالرميم (٤) كانت تنزع الناس كأنّهم أعجاز نخل منقعر (٥) ، ريحا صرصرا في أيّام نحسات سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنّهم أعجاز
__________________
(١) الأحقاف : ٢١.
(٢) الأعراف : ٦٩ ، والسجدة : ١٥ ، والشعراء : ١٣٠.
(٣) الشعراء : ١٣٠.
(٤) الذاريات : ٤٣.
(٥) القمر : ٢٠.