في حجّية خبر الواحد وعدمها
وهذه المسألة من مهامّ المسائل الاصوليّة ، إذ عليها يترتّب انسداد باب العلمي وانفتاحه بعد انسداد باب العلم ، وعليها أيضا يتوقّف الاجتهاد. وكونها من المسائل الاصوليّة بناء على أصلنا واضح ، فإنّها تقع في طريق استنباط أكثر الأحكام وهو المناط في كون المسألة اصوليّة ، ولا حاجة إلى تجشّم جعل البحث فيها بحثا عن ثبوت السنّة بخبر الواحد فيكون بحثا عن عوارض السنّة ، لعدم انحصار الموضوع لعلم الاصول في الأدلّة الأربعة حتّى يحتاج إلى ذلك ، مع أنّ عدم انطباق الموضوع المدّعى على هذه المسألة كاشف عن كون الموضوع ليس بموضوع ، ضرورة كونها من المسائل الاصوليّة وإن لم يعلم وجهه عند بعضهم. مضافا إلى أنّ الثبوت الواقعي الذهني غير موجود ، لأنّه خبر واحد يحتمل الصدق والكذب وليس متواتر حتّى يثبت في الذهن ولا يحتمل كذبه ولو اشتباها ، والثبوت التعبّدي ليس من أحكام السنّة بل من أحوال الحاكي لها ، فإنّ التعبّد بقول الإمام ولزوم اتّباعه ليس محلّا للكلام أصلا ، وإنّما محلّ الكلام أنّ الحاكي له هل يجب التعبّد به كما يجب بالمحكيّ أم لا؟ بمعنى أنّه يجب تنزيله منزلة قول الإمام عليهالسلام أم لا.
وقد وجّه بعض الأعاظم (١) كلام الشيخ الأنصاري بتقريب أنّ التنزيل يحتاج إلى
__________________
(١) هو المحقّق الأصفهاني في نهاية الدراية ٣ : ١٩٩.