وتحقيق ما أفاده الآخوند قدسسره موقوف على ذكر امور ثلاثة (*) :
الأوّل : معيار كون الشرط قيدا للموضوع أو لا ، ومعياره أنّ الحكم إن قيّد بقيد فانتفاء ذلك القيد يوجب انتفاء ذلك الحكم وإلّا لم يكن الحكم مقيّدا. وأمّا الموضوع إن قيّد بشيء أو المتعلّق إن قيّد بشيء فلا يلزم من انتفاء ذلك الموضوع المقيّد انتفاء سنخ ذلك الحكم أصلا ، فإنّ ثبوت الإكرام لموضوع لا يلزم منه نفيه عن غيره أصلا.
الثاني : أنّ قيد الحكم إن كان قيدا مولويّا ينتفي الحكم بانتفائه ويدلّ على المفهوم ، وإن كان قيدا عقليّا فلا يدلّ على المفهوم ، ومن هنا لم يكن مثل قولك : «إن رزقت ولدا فاختنه» دالّا على المفهوم أصلا بخلاف قولك : «إن جاءك زيد فأكرمه».
الثالث : أنّ القيد إن كان مركّبا من شيئين أحدهما قيد مولوي والآخر عقلي محقّق للموضوع مثل قولك : «إن ركب الأمير وكان ركوبه للزيارة فخذ ركابه» فهنا انتفاء قيد الحكم ـ أعني به القيد المولوي ـ يوجب ثبوت المفهوم ، فيكون مفهوم المثال : إن ركب ولم يكن ركوبه للزيارة فلا تأخذ ركابه.
إذا عرفت هذه الامور الثلاثة فاعلم أنّ الآية من هذا القبيل ، فإنّ قيد الحكم بوجوب التبيّن : النبأ وكون الجائي به فاسقا ، والأوّل وهو النبأ محقّق لموضوع التبيّن لكن كون الجائي به فاسقا قيد مولوي للحكم فينتفي الحكم بانتفائه ويدلّ على المفهوم ، فيكون معنى الآية : إن لم يكن الجائي بالنبإ فاسقا فلا يجب التبيّن ، وحينئذ فدلالته على المفهوم واضحة.
__________________
(*) وتحقيق المقام : أنّ الشرط الّذي علّق عليه الحكم في الجملة الشرطيّة إن كان عقليّا بحيث يستحيل تحقّق ذلك الحكم بدونه فلا يدلّ على المفهوم حينئذ ، لأنّ الحكم حينئذ غير قابل للثبوت على تقدير نفيه ، وثبوته لغير هذا الموضوع بدليل آخر أجنبيّ عن مفادها. وإن كان قيدا شرعيّا مولويّا فنفيه يدلّ على نفي الحكم بمقتضى التعليق في الجملة الشرطيّة. وإن علّق الحكم على امور بعضها شرعي وبعضها عقلي فانتفاء العقلي ينفيه من باب السالبة بانتفاء الموضوع وانتفاء الشرعي من باب إفادة المفهوم. (من إضافات بعض الدورات اللاحقة).