(ولكن المذكور في الآية امور ثلاثة : الجائي والنبأ والفاسق ، فإن كان الموضوع هو الجائي بالنبإ ، فيكون مفاد الآية : الجائي بالنبإ إن كان فاسقا فتبيّنوا وكانت الآية دالّة على المفهوم. وإن كان الموضوع هو النبأ ، فيكون مفادها حينئذ : النبأ إن كان الجائي به فاسقا فتبيّنوا ، فتدلّ على المفهوم أيضا. وإن كان الموضوع هو الفاسق ، فيكون مفادها : الفاسق إن جاء بنبإ فتبيّنوا فلا يكون للآية مفهوم لأنّ عدم التبيّن حينئذ لعدم مجيء الفاسق بنبإ حتّى يتبيّن ، إذ المفهوم حينئذ : الفاسق إن لم يجئ بالنبإ لا تتبيّنوا. والظاهر من الآية هو الأخير وإنّ مساقها مساق قولك : «إن أعطاك زيد درهما فتصدّق به» وحينئذ فلا دلالة لها على المفهوم. ومن الغريب دعوى الآخوند قدسسره (١) دلالتها على المفهوم وإن كانت مسوقة لتحقّق الموضوع بدعوى أنّ تعليق الحكم على الفاسق يقتضي ذلك ، إذ هو عين الاستدلال بمفهوم الوصف) (٢).
وربّما يتوهّم ـ كما توهّم ـ أنّ الموضوع في المقام إمّا أن يكون خصوص نبأ الفاسق وإمّا أن يكون كلّي النبأ ، فإنّ كان خصوص نبأ الفاسق فوجوب التبيّن في هذه الحصّة الخاصّة لا يمنع من وجوب التبيّن في غيرها أيضا ، إذ لا مفهوم لها حينئذ إلّا على القول بحجّية مفهوم الوصف ، ضرورة كون الموضوع حينئذ نبأ الفاسق ، ومن المعلوم أنّها ـ أي الشرطيّة ـ حينئذ تكون مسوقة لتحقّق الموضوع. وإن كان الموضوع كلّي النبأ وشرط التبيّن فيه مجيء الفاسق بنبإ ما ، فحينئذ لو جاء الفاسق بنبإ واحد يلزم التبيّن في كلّ نبأ حتّى نفس هذا النبأ إذا جاء به العادل ، لتحقّق شرط التبيّن لكلّي النبأ وهو مجيء الفاسق بنبإ ما.
والجواب : أنّ كون الموضوع لوجوب التبيّن هو كلّي النبأ لا يلزم منه ما ذكرتم من وجوب التبيّن لكلّ نبأ إذا جاء الفاسق بنبإ ما ، نظير قوله عليهالسلام : «إذا كان الماء قدر
__________________
(١) الكفاية : ٣٤٠.
(٢) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.