كرّ لا ينجّسه شيء» (١) فإنّ الموضوع إن كان الماء الّذي هو كرّ فلا دلالة له على المفهوم ، وإن كان كلّي الماء لزم أن يكون بلوغ ماء ما كرّا مانعا عن انفعال جميع مياه الدنيا بملاقاة جميع أنواع النجاسات ، والحال أنّ الاستدلال بمفهوم هذا الخبر قد ذكره جميع الفقهاء أو جلّهم.
والحلّ في الجميع أنّ الحكم قد يكون له متعلّق بلا أن يكون لمتعلّقه متعلّق مثل قولك «لا تكذب» فإنّ النهي هنا قد تعلّق بالكذب ، وقد يكون لمتعلّق الحكم متعلّق أيضا ويعبّر عنه بالموضوع للحكم مثل «لا تشرب الخمر» فإنّ الحكم ـ وهو الحرمة ـ قد تعلّق بالشرب والشرب متعلّق بالخمر فالشرب يسمّى متعلّق الحكم والخمر يسمّى موضوع الحكم. إذا عرفت هذا فاعلم أن تقيّد الحكم يوجب تقيّد موضوع الحكم واقعا ، مثلا إنّ قولنا «إن جاءك زيد فأكرمه» موجب لتقيّد زيد الّذي هو موضوع وجوب الإكرام بالجائي ، إذ لا معنى لقولك : يجب على تقدير مجيء زيد إكرام زيد مطلقا سواء جاء أو لم يجئ ، وحينئذ فالنبأ في الآية وإن كان كلّيا إلّا أنّه لمّا صار واقعا موضوعا للحكم بوجوب التبيّن وكان الحكم بوجوب التبيّن مقيّدا بمجيء الفاسق بالنبإ يتقيّد النبأ واقعا لا بلسان الآية فإنّه مطلق كلّي ، فافهم.
ومن جميع ما ذكرنا ـ في إيراد عدم دلالة الآية على المفهوم وجوابه ـ ظهر ما في كلام صاحب الكفاية قدسسره (٢) حيث زعم دلالتها على المفهوم حتّى لو كان الشرط محقّقا للموضوع ، بدعوى أنّ للوصف في المقام مفهوما وإن لم نقل بحجّية مفهوم الوصف كلّية لعدم استفادة الانحصار للعلّة ، إلّا أنّ في المقام علّة التبيّن منحصرة في كون الجائي فاسقا فتنتفي بانتفائه.
__________________
(١) الوسائل ١ : ١١٧ ، الباب ٩ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ١ و ٢ و ٥ و ٦.
(٢) انظر الكفاية : ٣٤٠.