من الجهالة السفاهة ، وحينئذ فالإصابة بالسفاهة بمعنى : لئلّا تعملوا عملا يعدّه العقلاء سفهيّا ، وحينئذ فمن المعلوم أنّ ترتيب آثار إخبار العادل لا يعدّه العقلاء سفهيّا أصلا بخلاف ترتيبها على إخبار الفاسق فإنّه عند العقلاء من الأعمال السفهيّة.
نعم يبقى في المقام شيء وهو أنّ أخذ السفاهة بهذا المعنى في الآية تستدعي أن يكون أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآله كلّهم أخذوا بالسفاهة.
والجواب : أنّ هذا إنّما يلزم على تقدير علمهم بفسق الوليد ، ومن الممكن أن يكون الوليد يضمر فسقه كأكثر من أسلم من الصحابة في ذلك الوقت ، فلا يكون ترتيب الآثار من أصحاب النبيّ بمجرّد إخباره سفهيّا وتكون الآية لبيان أنّ المخبر بهذا الخبر فاسق ، فهي لبيان الموضوع وما يترتّب عليه من إصابة القوم بالسفاهة ، فافهم.
وأمّا إذا كان المراد من السفاهة عدم العلم ، فإن قلنا بأنّ عموم التعليل حكم إرشادي ـ كما استظهرنا ذلك أخيرا من تحريم اتّباع غير العلم في الآيات الكريمة وإنّه إرشاد إلى ما يلزم مقام العبوديّة من لزوم تحصيل المؤمّن القطعي ـ فلا إشكال حينئذ ، لأنّ الحكم الإرشادي ليس فيه تعرّض إلى بيان محلّه ، فلا يصلح حينئذ قرينة لرفع الظهور المنعقد.
وإن قلنا بأنّه حكم مولوي فهو قضيّة حقيقيّة لا تعرّض فيها لتحقّق موضوعها وعدمه ، بل هي كسائر القضايا الحقيقيّة حكم على تقدير تحقّق الموضوع ، فإذا فرض انعقاد ظهور صدر الآية في المفهوم خرج خبر العادل عن كونه إصابة بغير علم وصار إصابة بعلم بمقتضى مفهوم الآية ، وهذا هو مراد الميرزا النائيني قدسسره من جوابه الثاني في المقام (١).
__________________
(١) انظر فوائد الاصول ٣ : ١٧٢.