وقد ذكر الميرزا النائيني قدسسره جوابين أيضا على تقدير أن يكون المراد من الجهالة في الآية عدم العلم ، أحدهما ذكره في باب تعارض المفهوم مع العموم كليّا (١).
وملخّصه : أنّ ظهور القضيّة الشرطيّة في المفهوم موقوف على أمرين :
أحدهما : تعليق الحكم في إحدى القضيّتين على القضيّة الثانية.
والثاني : كون الشرط منحصرا.
فالأوّل : وهو كون التعليق للحكم هو معنى أدوات الشرط وضعا ، فإنّ أدوات الشرط بحسب وضعها موضوعة لتعليق جملة على جملة اخرى ، فاستعمالها في غير ذلك بأن تكون قيدا للموضوع أو المتعلّق استعمال في غير ما وضعت له ولعلّه يكون غلطا لو خلّي عن المناسبة.
والثاني : وهو كون الشرط منحصرا في التعليق فموقوف على مقدّمات الحكمة ، فإنّ إطلاق كلام الحكيم مع كونه في مقام البيان وعدم ذكر عدل آخر لهذا الشرط كاشف عن كون الشرط منحصرا. واستفادة العموم من القضيّة إمّا من لفظة «كلّ» ولا دلالة لها على العموم ، لأنّها بحسب وضعها لعموم ما يراد من مدخولها ، وكون المراد من مدخولها العموم أوّل الكلام. وإمّا من عموم المدخول ، ومعلوم أنّ عموم المدخول إنّما هو بمقدّمات الحكمة.
إذا عرفت هذا ، فإذا تعارض العموم مع المفهوم فلا بدّ من تقديم المفهوم على العموم ، وذلك لأنّ العموم إمّا أن يرفع المدلول الوضعي لأداة الشرط ، وهو غير معقول ، لأنّ العموم إنّما استفيد بمقدّمات الحكمة والإطلاق ، فلا يرفع اليد عن الظهور الوضعي لأجله ، لإمكان أن يصير بيانا فلا تتمّ مقدّمات الحكمة.
وإمّا أن يرفع انحصار الشرط في المذكور ، وهو أيضا ممنوع ، لأنّ العموم إنّما يدلّ على سريان الحكم إلى كلّ فرد من أفراد المدخول ولا ربط له بانحصار الشرط المذكور في جملة اخرى وعدمه ، وحينئذ فظهور الجملة في المفهوم لا يعارضه العموم.
__________________
(١) انظر أجود التقريرات ٢ : ٣٨٤ ـ ٣٨٨.