القول بالفصل يتمّ المطلوب (١) لا يخلو من ضعف ، لأنّ الإجماع وعدم القول بالفصل بين قول زرارة ومحمّد بن مسلم وغيرهما من حيث إنّهم رواة ، أمّا من حيث إنّهم أهل ذكر وعلم فلا قول بعدم الفصل.
فالتحقيق أن يقال في ردّ هذا الإيراد : إنّ أهل الذكر ليس المراد منهم خصوص الفقهاء ، بل المراد بهم أهل العلم ، والعلم يشمل علم الرواية ، فيكون قول محمّد بن مسلم وزرارة من حيث إنّهم أهل علم بالرواية مقبولا ، وحينئذ فغيرهم ممّن ليس من أهل العلم يتمّ قبول قوله بعدم القول بالفصل بين رواية محمّد بن مسلم وزرارة وغيرهما من حيث إنّهما رواة وأهل علم بالرواية ، فهذا الإيراد ليس بموجّه.
نعم يرد عليها أنّ ظاهر الآية أنّ السؤال إنّما هو لأجل أن يعلموا مثل قولك : «إن كنت جاهلا بالأمر فاسأل العلماء به» أي لأجل أن يحصل لك العلم به ، وحينئذ فالآية لا تدلّ على قبول خبر الواحد.
نعم يبقى أنّ أهل الذكر بموجب سياق الآية هم علماء اليهود وفي بعض التفاسير (٢) أنّ المراد بهم الأئمّة عليهمالسلام ، ووجه الجمع أنّ المراد بأهل الذكر أهل العلم ، فمورد الآية حيث كان معرفة النبيّ وصفاته فأهل علم ذلك هم اليهود ، وفي مورد السؤال عن أحكام الدين وفروعه فأهل الذكر فيه هم أئمّتنا عليهمالسلام فلا تنافي بين التفسيرين.
ومن جملة الآيات الّتي استدلّ بها على حجّية خبر الواحد قوله تعالى في مدح نبيّنا صلىاللهعليهوآله : (وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ)(٣) فإنّ مدح الله له بأنّه يؤمن للمؤمنين بمعنى يصدّقهم دالّ على أنّ تصديق المؤمنين في أخبارهم أمر مرغوب فيه شرعا ولا أقلّ من جوازه ، ولا معنى لتصديقهم إلّا ترتيب آثار صدقهم في مقام العمل ، وهو معنى الحجّية.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٣٤٥.
(٢) انظر التبيان ٧ : ٢٠٥.
(٣) التوبة : ٦١.