مبحث التجرّي
ويمكن أن يقع البحث فيه من جهات ثلاثة : جهة فقهيّة ، وجهة اصوليّة ، وجهة كلاميّة.
أمّا الجهة الاولى ففي تحريم التجرّي شرعا وعدم تحريمه شرعا.
وأمّا الجهة الاصولية فيقع البحث فيها من ناحيتين :
الاولى في شمول إطلاقات الأدلّة الواردة للموضوعات الواقعيّة للقطع بالموضوعات الواقعيّة وعدم شمولها للقطع بها.
الناحية الثانية في ترتّب مفسدة واقعيّة على المقطوع بحرمته أو بخمريّته من جهة العنوان الثانوي ، كالتمرّد على المولى وعدم ترتّبها.
ولا يخفى أنّ الجهة الفقهيّة إنّما تبتني على الجهة الاصوليّة بناحيتيها ، إذ التحريم الشرعي إمّا أن يكون من جهة شمول الإطلاقات أو ترتّب المفسدة ، كما أنّ الناحية الاولى من الجهة الاصوليّة مختصّة بالاشتباه في التطبيق لا في الحكم ، إذ التجرّي بعد شمول إطلاقات الأدلّة إنّما هو بالنسبة إلى الموضوعات المشتبه تطبيقها ، بخلاف الناحية الثانية من الجهة الاصوليّة فهي شاملة للاشتباه في التطبيق والاشتباه في الحكم ، فهو البحث الشامل لجميع فروض المسألة فينبغي أن يلحظ أهميّته.
وأمّا الجهة الكلاميّة ففي أنّ المتجرّي هل يستحقّ الذمّ واللوم عقلا بمجرّد إظهاره خبث سريرته وتمرّده على المولى؟ وهل يستحق العقاب عند العقلاء أم لا؟ وبعبارة اخرى هل فيه قبح فاعلي أم لا؟
ثمّ إنّ الظاهر أنّ موارد التجرّي لا تخصّ صورة قيام القطع ، بل التجرّي حاصل إذا قطع وخالف ، (سواء تعلّق قطعه بالحكم الواقعي أم بالحكم الظاهري ،