بخلاف ما إذا قلنا بقول الشيخ قدسسره (١) فإنّ الفسخ استنادا إلى دليل رفع الحرج والضرر ممكن لنفيهما الحكم أوّلا بلا لحاظ لموضوعه.
وقد زعم الآخوند قدسسره (٢) في المقام أيضا عدم جريان القاعدة ـ وهي قاعدة رفع العسر والحرج ـ بدعوى أنّ الحكم الشرعي في المقام ليس حرجيّا ، لأنّه لو اطّلع العبد عليه لم يكن حرجيّا قطعا ، وإنّما نشأ الحرج من ضمّ بقيّة الأطراف المشتبهة إليه فالاحتياط حرجيّ ، والاحتياط إنّما هو بحكم العقل فالموضوع الشرعي الّذي له الحكم ليس حرجيّا حتّى يرفع برفع حكمه ، خلافا للشيخ الأنصاري قدسسره (٣) فإنّه حكم بجريان القاعدة بدعوى أنّ منشأ الحرج في المقام هو الحكم الشرعي ، فإنّه لو رفع الشارع المقدّس يده عن الأحكام المعلومة له لم يحكم العقل بوجوب الاحتياط ، فمنشأ حكم العقل بوجوب الاحتياط إنّما هو الحكم الشرعي فيرفع إذا كان حرجيّا.
والظاهر جواز التمسّك بالقاعدة في المقام وإن قلنا بمقالة الآخوند قدسسره وذلك لأنّ الاحتياط ليس أمرا دفعيّا حتّى يقال إنّه حرجيّ ، بل إنّه أمر تدريجي ، وحينئذ فلو كان أطراف الاحتياط مائة طرف مثلا فليس انضمامها انضماما فعليّا ، بل إنّ الإنسان مثلا يأتي بالفرد الأوّل وليس حرجيّا ويأتي بالفرد الثاني أيضا وهكذا حتّى ينتهي إلى أربعين مثلا ثمّ يكون الإتيان ببقيّة الأفراد حرجيّا فهو يعلم بعدم وجوب إتيان الباقي ، لأنّ الواجب إن كان فيما جاء به فلا يجب الباقي لعدم وجوبه ، وإن كان الواجب فيما بقي فهو موضوع حرجي والحكم فيه مرفوع ابتداء أو برفع موضوعه على القولين.
__________________
(١) المكاسب ٥ : ١٦٢.
(٢) كفاية الاصول : ٣٥٨.
(٣) فرائد الاصول ٢ : ٤٦٠.