وبالجملة ، فمتعلّق التكليف لو كان في الباقي لكان حرجيّا قطعا فيرفع حكمه على أحد النحوين ، وكأنّ الآخوند قدسسره تخيّل أنّ الانضمام أمر دفعي فرأى أنّ الحكم بالانضمام للأطراف الّذي هو الاحتياط حرجي وهو بحكم العقل ، فافهم وتأمّل فإنّه دقيق ونافع في كثير من الموارد ، هذا كلّه بالنسبة إلى الاحتياط الكلّي.
وأمّا التبعيض في الاحتياط فقد ادّعي الإجماع على عدم وجوبه (١).
ولا يخفى ما فيه ، فإنّ مبحث الانسداد من المباحث المستحدثة فكيف يمكن دعوى الإجماع في خصوص هذه المقدّمة؟ على أنّه لو سلّم فهو تقييدي ، لأنّه من جهة اعتبار قصد الوجه والتمييز في العبادات. نعم الاحتياط الكلّي غير واجب لا التبعيض في الاحتياط كما هو محلّ البحث والفرض ، فالإنصاف أنّه لو تمّت مقدّمات الانسداد لما كشفت عن حجّية الظنّ ، لأنّه مبنيّ على عدم جواز الاحتياط أو عدم وجوبه حتّى في بعض الموارد ، وقد ذكرنا أنّه لا دليل عليه فيتعيّن العمل بنحو التبعيض في الاحتياط.
وما قيل من أنّا إن لم نقطع بتحقّق الإجماع على عدم جواز العمل بالاحتياط فلا أقلّ من حصول الظنّ بقيام الإجماع ، وسيأتي أنّ الظنّ بناء على حجّيته لا يفرق فيه بين الظنّ بالحكم أو الظنّ بطريقه.
لا يخفى ما فيه ، أمّا أوّلا : فلأنّا نمنع الظنّ بالإجماع ، لما ذكرنا من أنّ هذا المبحث من المباحث المستحدثة فكيف يظنّ بالإجماع على مقدّمة من مقدّماته؟
وأمّا ثانيا : فلأنّا لو سلّمنا حصول الظنّ لكن أيّ دليل دلّ على حجّية خصوص هذا الظنّ؟ إذ الكلام بعد في حجّية الظنّ فكيف يحتجّ عليه بالظنّ؟ وما ذكر من عدم الفرق بين تعلّق الظنّ بالحكم وتعلّقه بطريقه مسلّم ، ولكنّه بعد تماميّة المقدّمات لا قبلها كما في محل الكلام.
__________________
(١) فرائد الاصول ١ : ٤٠٣ ، كفاية الاصول : ٣٥٧.