كما هو المحكيّ عن الأخباريّين (١)؟ وإن لاح من كلام المحدّث الأسترآبادي (٢) جريان الاحتياط في كلا الشبهتين إلّا أنّ المعروف المنسوب إليهم هو التفصيل بين الشبهة الوجوبيّة فالبراءة بالإجماع ، والتحريميّة فالاحتياط عند الأخباريّين ، والبراءة عند الاصوليّين.
[الاستدلال بالكتاب على البراءة]
ويقع الكلام الآن في أدلّة الاصوليّين في إجراء البراءة ، وقد استدلّوا بأدلّة كثيرة ، فمن الآيات الكتابيّة قوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ)(٣) وقوله تعالى : (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ)(٤) وقوله تعالى : (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ)(٥) وقوله تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)(٦).
وقد زعم الآخوند قدسسره (٧) أظهرية هذه الآية من غيرها في الدلالة على المقصود بناء على أنّ المراد من الرسول إنّما هو إتمام الحجّة والبيان ، إذ لو لا البيان من الرسول لم يكن بعثه مجديا ، فيكون دلالته على المورد من باب انطباق الكبرى الكلّية على صغراها.
__________________
(١) الحاكي هو الوحيد البهبهاني ، الفوائد الحائريّة : ١٠٥ ، وانظر الفصول : ٣٥٢.
(٢) الفوائد المدنيّة : ١٣٩.
(٣) التوبة : ١١٥.
(٤) الأنفال : ٤٢.
(٥) الأنعام : ١١٩.
(٦) الإسراء : ١٥.
(٧) كفاية الاصول : ٣٨٥.