وكيف كان ، فهذه الآية الشريفة لا تكاد تجدي في قبال الأخباري كنظائرها ، لأنّ الأخباري يزعم أنّ هناك رسولا وبيانا وبيّنة ، وهي عبارة عن العلم الإجمالي بالتكاليف والأخبار الآمرة بالاحتياط.
أمّا العلم الإجمالي فسيأتي الكلام في تنجيزه وعدمه عند سطر أدلّتهم إن شاء الله.
[الاستدلال بالأخبار على البراءة]
وأمّا الأخبار فالكلام فيها يكون في ناحيتين :
الاولى : ناحية دلالتها وأنّها أوامر مولويّة لا إرشاديّة.
الثانية : أنّها لها معارض من الأخبار والآيات أم ليس لها معارض.
أمّا الناحية الاولى فسيأتي الكلام عليها أيضا.
وأمّا الناحية الثانية فيتكلّم فيها الآن.
[حديث الرفع]
فمن الأخبار المعارضة لأدلّة الاحتياط حديث الرفع وهو قوله صلىاللهعليهوآله : «رفع عن امّتي تسعة أشياء : الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه وما لا يعلمون وما لا يطيقون وما اضطرّوا إليه ... إلى آخره» (١).
وتقريب الاستدلال بهذا الحديث على إجراء البراءة في الشبهة الوجوبيّة والتحريميّة هو أن يقال : كما أنّ الحكم الواقعي بيد الشارع رفعه ووضعه ، فله أن يقول : حرّمت الخمر مثلا ، وأن يقول : الخلّ ليس بحرام مثلا ، فكذلك الحكم الظاهري بيد الشارع رفعه ووضعه فله أن يضع الحكم الشرعي في صورة الشكّ بالحكم الواقعي بايجاب الاحتياط ، وله أن يرفعه.
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٢٩٥ ، باب جملة ممّا عفي عنه ، الحديث الأوّل.