لأهل البيت عليهمالسلام حقوقهم ومراكزهم فهم حجبوه عنّا ، وظاهر الخبر كون الحاجب هو الله تعالى وهو إنّما يصحّ حيث يصدر الشيء من غير إرادة أحد من الخلق كنزول المطر أو يكون عملا حسنا لا قبيحا. فيكون مساق هذه الرواية مساق : «اسكتوا عمّا سكت الله عنه» في أنّ المراد : أنّ الأحكام الّتي لم يشرّعها الله فعلا لمصلحة في عدم التشريع أو لمفسدة في التشريع هي موضوعة عنهم إلى أن يحين وقت تشريعها وهو زمن ظهور الحجّة عليهالسلام عجّل الله فرجه إن شاء الله تعالى. فهي من هذه الجهة أضعف في الدلالة من حديث الرفع.
(إلّا أنّ الإنصاف أنّ إسناد الحجب إلى العلم ظاهر في أنّ جهة وضعه مجهوليّته وأنّ الحكم فعلي لو لا الجهل به ، ومساق : «اسكتوا عمّا سكت الله عنه» ينفي تشريع الحكم في الواقع فعلا لعدم شرطه وهو وجود الإمام. وإسناد الحجب إلى الله صحيح في تعارض الآيتين بالعموم من وجه ، وفي صورة إجمال النصّ كما في آية التيمّم (١) وكذا أخبار أهل البيت عليهمالسلام الّذين لا ينطقون إلّا عن النبيّ الّذي لا ينطق عن الهوى صحيح ، فإنّ حجب الحكم في هذه الصور من الله. بل وكذا في صورة عدم النصّ أيضا في زمن الغيبة فإنّ غيبة الحجّة عجّل الله فرجه الشريف بأمر من الله تعالى كما في الأخبار ، فالله هو الحاجب للحكم إذ لو كان الحجّة ظاهرا لأمكن معلوميّة الحكم منه بسؤاله. فالإنصاف أنّ دلالة هذا الحديث تامّة كحديث الرفع) (٢).
نعم ، ويرد عليها ما اورد عليه من عدم إمكان استعمالها في رفع الشبهة الموضوعيّة والحكميّة لاستلزامه استعمال «ما» في معنيين.
__________________
(١) النساء : ٤٣ ، والمائدة : ٦.
(٢) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.