وقد أغمض الشيخ الأنصاري عن ذكر موثّقة ابن صدقة (١) في الشبهات الحكميّة ، لزعمه ظهورها في الشبهات الموضوعيّة.
لكنّ الآخوند قدسسره (٢) ذكرها لاشتمالها على قوله : «كلّ شيء لك حلال» وعدم اشتمال الروايتين الباقيتين عليه ، لأنّ فيهما : «كلّ شيء فيه حلال وحرام» وهو ظاهر في الشبهة الموضوعيّة.
والإنصاف أنّها ظاهرة في الشبهة الموضوعيّة من وجوه : بعضها مشترك بينها وبين الروايتين وهو الاشتمال على لفظة «بعينه» الظاهر بحسب الفهم العرفي في الشيء الشخصي المتعيّن. واحتمال إرادة التأكيد من لفظ «بعينه» بعيد ، لعدم موجبه.
وبعضها مختصّ بهذه الرواية ، وهو أمران :
أحدهما : التمثيل بالأمثلة المذكورة ، فإنّ لها دلالة وظهورا في كون القاعدة الكلّية المذكورة مختصّة بهذه الأمثلة المتكرّرة ممّا كانت الشبهة فيه موضوعيّة لا أقلّ من احتمال كون التمثيل قرينة ، فيكون من احتفاف الكلام بما يصلح للقرينيّة.
الثاني : قوله «والأشياء كلّها على هذا حتّى يستبين أو تقوم به البيّنة» فإنّ حصر الدليل بالاستبانة الّتي اريد منها العلم الوجداني والبيّنة ممّا يدلّ على إرادة الشبهة الموضوعيّة ، إذ الحكم يثبت بخبر الواحد وغيره من الأدلّة مثل الإجماع وشبهه.
ودعوى : دخوله في الاستبانة فإنّ المراد منها الأعمّ من العلم الوجداني والتعبّدي ، ينافيها ذكر البيّنة بعدها.
لا يقال : إنّ أدلّة الشبهة الموضوعيّة أيضا لا تنحصر في هذين ، فإنّ الاستصحاب الموضوعي أيضا طريق.
__________________
(١) الوسائل ١٢ : ٦٠ ، باب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٤ ، مع تفاوت.
(٢) كفاية الاصول : ٣٨٨.