وجعله للمعلوم حكمه الواقعي. فإذا كان المراد من «الشيء» الشيء المشكوك فلا بدّ أن يغيّا الحكم الظاهري المجعول للشيء بعنوان الشكّ برفع الشكّ وهو وصول النهي إلى المكلّف لا صدوره الواقعي ، إذ الشيء المشكوك لا يغيّا بثبوت النهي الواقعي وإن لم يصل إلى المكلّف ، فافهم.
وقد ظهر من هذا الكلام دفع إيراد الميرزا النائيني حيث زعم أنّ هذا الحكم مجعول للشيء بعنوانه الأولي لا بعنوان كونه مشكوكا فيه ، فإنّه وإن كانت ألفاظ الخبر خالية عن لفظ الشكّ إلّا أنّ عدم إمكان جعل الحكم حكما واقعيّا بما ذكرناه يعيّن كون الحكم هو الحكم الظاهري الذي قد اخذ الشكّ فيه قطعا.
وقد ظهر دلالة هذه الرواية على المقصود ، بل هي أظهر الأخبار باعتبار نصوصيّتها في الشبهة التحريميّة الّتي هي محلّ نزاعنا مع الأخباريّين كما ذكره الشيخ الأنصاري قدسسره.
هذا تمام الكلام في الاستدلال على الترخيص في الفعل حيث يحتمل التحريم ، أو في الترك حيث يحتمل الوجوب بالأخبار.
[الاستدلال بالاجماع على البراءة]
وأمّا الإجماع فتقريره من وجوه :
أحدها : أن يدّعى اتّفاق الأخباريّين والاصوليّين على قبح العقاب بلا بيان. وهذا الاتّفاق وإن كان موجودا إلّا أنّه لا يجدي ، لأنّه حكم مدركه العقل أوّلا. وثانيا أنّه ليس في محلّ الكلام ، إذ الكلام في الترخيص الشرعي لا في العقاب ، إذ رفع العقاب ليس حكما شرعيّا بالترخيص.
الثاني : أن يدّعى الاتّفاق على أنّ الحكم الشرعي فيما لم يبيّن من الأحكام هو الترخيص. وهذا الاتّفاق وإن كان حاصلا إلّا أنّه لا يجدي في دفع قول الأخباري ، لأنّه يدّعي أنّ الحكم مبيّن بأدلّة الاحتياط.