(لا يقال : إنّ استصحاب عدم الجعل لو جرى في الشبهة الحكميّة والموضوعيّة لم يبق مورد لاخبار قاعدة البراءة ، لأنّ كلّ جعل حادث ومسبوق بالعدم خصوصا لو استصحب العدم الأزلي.
لأنّه يقال : إنّ أخبار البراءة جعلت بنحو تعمّ الاستصحاب ، فإنّ قوله : «الناس في سعة ما لا يعلمون» قد ورد في حليّة اللحم المشكوك تذكيته مع كونه في بلد الإسلام ، ولا ريب في وجود أمارة التذكية حينئذ فكأنّه يقول : الناس في سعة من تكليف لا يعلمونه بالعلم الوجداني ، سواء كان لقيام أمارة على الحليّة أو صرف الشكّ.
وثانيا : أنّ موارد تعارض الاستصحابين في ما كان محكوما بحكمين الإباحة والحرمة مثلا وشكّ في المتقدّم منهما يرجع إلى البراءة بعد تعارضهما ، وكذا في مورد الأقلّ والأكثر فباستصحاب عدم الأكثر لا يثبت كفاية الأقلّ لو لا جريان البراءة من التقييد ، لأنّ استصحاب عدم التقييد يسقط بمعارضة استصحاب عدم الإطلاق إلّا أنّ رفع التقييد لا يعارضه رفع الإطلاق ، لأنّ رفع الإطلاق لا منّة فيه حتّى ترفعه أخبار البراءة الّتي وردت في مقام الامتنان بقرينة قوله : «عن امّتي» فتأمّل) (١).
في أدلّة الأخباريّين على لزوم اجتناب محتمل التحريم
وقد استدلّوا بأدلّة عديدة :
الأوّل : الآيات ، فمنها : الآيات الناهية عن القول بغير علم ، مثل قوله : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)(٢).
__________________
(١) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.
(٢) الإسراء : ٣٦.